(لَقَدْ كَانَ لِسَبَأٍ في مَسْكَنِهِمْ آيةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُم واشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ * فَأَعْرَضُوا فَأرْسَلْنَا عَلَيْهِم سَيْلَ العَرِم وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وشَيْءٍ مِّنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ* ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلاَّ الكَفُورَ ) (سبأ: 15-17).
أصل سبأ
يرى كثير من الباحثين في تاريخ اليمن القديم أن مملكة سبأ التي ظهرت جنوب غربي شبه جزيرة العرب، هي أقدم الممالك التي عرفها تاريخ المنطقة. ومن المرجح أن استقرارهم هناك بدأ في القرن الثالث عشر قبل الميلاد.
ويعتبر مجتمع سبأ واحداً من أكبر أربع حضارات عاشت في جنوبي الجزيرة العربية، ويعتقد أن هؤلاء القوم قد أسسوا مجتمعهم ما بين
1000-750 قبل الميلاد، وانهارت حضارتهم حوالي 550 بعد الميلاد، بسبب الهجمات التي دامت قرنين والتي كانوا يتعرضون لها من جانب الفرس والعرب.
يعود أقدم المصادر التي تشير إلى قوم سبأ إلى سجلات الملك سيرجون الثاني الآشوري الحربية (722-705 قبل الميلاد)، إلا أنه ليس من الصواب أن نستنتج أن هذه الحضارة قد تم إنشاؤها حوالي 700 قبل الميلاد فقط اعتماداً على هذا المصدر الوحيد ،لأن احتمال تشكل هذه الحضارة قبل ذلك وارد جداً، وهذا يعني أن تاريخ سبأ قد يسبق هذا التاريخ.
يرى كثير من الباحثين في تاريخ اليمن القديم أن مملكة سبأ التي ظهرت جنوب غربي شبه جزيرة العرب، هي أقدم الممالك التي عرفها تاريخ المنطقة. ومن المرجح أن استقرارهم هناك بدأ في القرن الثالث عشر قبل الميلاد.
ويعتبر مجتمع سبأ واحداً من أكبر أربع حضارات عاشت في جنوبي الجزيرة العربية، ويعتقد أن هؤلاء القوم قد أسسوا مجتمعهم ما بين
1000-750 قبل الميلاد، وانهارت حضارتهم حوالي 550 بعد الميلاد، بسبب الهجمات التي دامت قرنين والتي كانوا يتعرضون لها من جانب الفرس والعرب.
يعود أقدم المصادر التي تشير إلى قوم سبأ إلى سجلات الملك سيرجون الثاني الآشوري الحربية (722-705 قبل الميلاد)، إلا أنه ليس من الصواب أن نستنتج أن هذه الحضارة قد تم إنشاؤها حوالي 700 قبل الميلاد فقط اعتماداً على هذا المصدر الوحيد ،لأن احتمال تشكل هذه الحضارة قبل ذلك وارد جداً، وهذا يعني أن تاريخ سبأ قد يسبق هذا التاريخ.
ورد في نقوش أراد نانار، أحد ملوك مدينة أور المتأخرين، كلمة "سابوم" والتي تعني "مدينة سبأ" ، وإذا صح تفسير هذه الكلمة على أنها مدينة سبأ، فهذا يعني أن تاريخ سبأ يعود إلى 2500 قبل الميلاد.
لوح مكتوب عليه بلغة قوم سبأ
وقد روى الأمام أحمد في مسنده عن ابن عباس: ان رجلا سأل رسول الله (ص)- عن سبأ ما هو ؟ رجل أم امرأة أم أرض؟ فقال -ص-: ((بل هو رجل ولد له عشرة ,فسكن اليمن منهم ,والشام منهم أربعة ,فأما اليمانيون:فمذحج,وكندة,والأزد,والأشعريون,وأنمار,وحمير,واما الشامية:فلخم,وجذام,وعاملة,وغسان))
والمقصود أن سبأ يجمع هذه القبائل كلها
وقال علماء النسب أنه سمي (سبأ) لأنه اول من سبي من العرب
ولكن بقي تاريخ نشوء حضارة سبأ موضع خلاف حتى الآن، فالسبئيون لم يشرعوا بكتابة تقاريرهم الحكومية حتى سنة 600 قبل الميلاد، لذلك لا يوجد أي سجلات سابقة لهذا التاريخ.
اشتهرت سبأ بين الأمم القديمة، وقد جاء ذكرها في التوراة، كما جاء في بعض النقوش التي خلفها الملك سرجون ملك آشور (720-705 ق.م) أن مملكة سبأ قدمت له هدية من الذهب واللآلئ والبخور والأعشاب. ويرى بعض الباحثين أنه قد تكون تلك الأشياء من قبيل الهدية، وليست من قبيل الإتاوة أو الضرائب التي فرضها الملك الآشوري على حكام سبأ.
وتقول المصادر التاريخية التي تتحدث عن هذه الحضارة: إنها كانت أشبه بالحضارة الفينيقية، أغلب نشاطاتها تجارية
قوة مملكة سبأ وجيشها
كان الجيش السبئي من أقوى جيوش ذلك الزمان، وقد ضمن لحكامه امتداداً توسعياً جيداً، فقد اجتاحت سبأ منطقة القتبيين ، وتمكنت من السيطرة على عدة مناطق في القارة الإفريقية، وفي عام 24 قبل الميلاد وأثناء إحدى الحملات على المغرب، هزم الجيش السبئي جيش ماركوس إيليوس غالوس الروماني الذي كان يحكم مصر كجزء من الإمبراطورية الرومانية التي كانت أعظم قوة في ذلك الزمن دون منازع.
يمكن تصوير سبأ على أنها كانت بلاداً معتدلة سياسياً، إلا أنها ما كانت لتتأخر في استخدام القوة عند الضرورة.. لقد كانت سبأ بجيشها وحضارتها المتقدمة من " القوى العظيمة" في ذلك الزمان.
ولقد ورد في القرآن ذكر جيش سبأ القوي، وتظهر ثقة هذا الجيش بنفسه من خلال كلام قواد الجيش السبئي مع ملكتهم كما ورد في سورة النمل:
(قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ ) (النمل: 33).
ولقد ورد في القرآن ذكر جيش سبأ القوي، وتظهر ثقة هذا الجيش بنفسه من خلال كلام قواد الجيش السبئي مع ملكتهم كما ورد في سورة النمل:
(قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ ) (النمل: 33).
لماذا عاقبهم الله ؟؟
(لَقَدْ كَانَ لِسَبَأٍ في مَسْكَنِهِمْ آيةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُم واشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ * فَأَعْرَضُوا فَأرْسَلْنَا عَلَيْهِم سَيْلَ العَرِم وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وشَيْءٍ مِّنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ* ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلاَّ الكَفُورَ ) (سبأ: 15-17).
لقد كان السبئيون كما تدل الآية الكريمة يعيشون في منطقة مشهورة بجمالها، جنان وكروم، وكانت تقع على طرق التجارة ، لقد كانت على مستوى متقدم جداً بالنسبة لغيرها من مدن ذلك الزمان.
كانت ظروف العيش في بلدة كهذه ممتازة، ولم يكن للقوم من جهد يبذلونه سوى ( كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ ) كما تقول الآية، إلا أنهم لم يفعلوا ذلك، بل نسبوا ما يملكونه لأنفسهم، لقد ظنوا أنهم أصحاب هذه البلدة ، وأنهم هم الذين أوجدوا مافيها من الرخاء والازدهار، اختاروا الغرور والتكبر على الشكر والتواضع لله، وكما تقول الآية: ( فَأَعْرَضُوا... ).لأنهم نسبوا كل ما أنعم الله به عليهم لأنفسهم، وأصرُّوا أنه من صنعهم، خسروا كل شيء... لقد أهلك سيلُ العَرِم كلَّ ما صنعت أيديهم.
أما إلههم الذي كانوا يعبدونه، فقد كان يدعى ألمقة. وكانوا يقدمون إليه النذر والبخور، وبنوا له المعابد
وأخبرنا القرآن الكريم أن ملكة سبأ وقومها كانوا "يعبدون الشمس مع الله" قبل أن تتّبع سليمان، وتوضح المعلومات التي تحملها هذه النقوش هذه الحقيقة، كما تشير إلى أنهم كانوا يعبدون الشمس والقمر في معابدهم والتي يظهر أحدها في الأعلى.
جاءتهم الرسل تأمرهم بتوحيد الله تبارك وتعالى ,فكانوا كذلك ما شاء الله ثم أعرضوا عما أمروا به,فعوقبوا بإرسال سيل العرم , فمنهم من اقام ببلاده ومنهم من نزح إلى غيرها .
سد مأرب
وكان من أمر السد أن الماء كان ياتيهم من بين جبلين ,وتجتمع إليه أيضا سيول أمطارهم واوديتهم ,فعمد ملوكهم الأقادم ,فبنوا بينهما سدا عظيما محكما, حتى إرتفع الماء وحكم على حافات الجبلين,فغرسوا الأشجار,واستغلوا الثمار في غاية ما يكون من الكثرة ..
فكانت المراة تمشي من تحت الأشجار وعلى رأسها وعاء فيتساقط من الأشجار في ذلك ما يملؤه من الفاكهة والثمار من غير قطف ولا تعب لكثرته ونضجه واستوائه.
وكان هذا السد بمأرب,وهذه الجنان عن اليمين والشمال ..
سيل العرم..
عن قتادة قال: لما ترك القوم أمر الله بعث عليهم جرذا يسمى الخلد, فثقبه من أسفله حتى غرق به جناتهم ,وخرب به أرضهم عقوبة بأعمالهم.
وقال الضحاك: بدلهم الله بجنان الفواكه والأعناب ,إذ أصبحت جناتهم خمطاً, وهو الأراك.(شجر الإثل)
فبعد أن كانت أشجارهم من خير الأشجار أصبحت من شر الشجر بأعمالهم
هذا موقع السد القديم في مأرب
( وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ ) (سبأ: 16). أي: إن البلدة بكاملها قد غرقت بعد انهيار السد بسبب السيل، لقد تحطمت جميع أقنية الري التي حفرها السبئيون، وكذلك الحائط الذي أنشؤوه ببنائهم حواجز بين الجبال، ولم يعد لنظام الري أي وجود، وهكذا تحولت الجنان إلى أدغال، ولم يبقَ من الثمار شيء، سوى ثمار تشبه الكرز وأشجار قصيرة كثيرة الجذور,بدأت أراضي المنطقة بالتصحر، وفقد قوم سبأ أهم مصادر الدخل لديهم مع اختفاء أراضيهم الزراعية، وهكذا كانت عاقبة القوم الذين أعرضوا عن الله وترفعوا عن شكره
لقد أقر الكاتب وعالم الآثار المسيحي وورنر كيلر Werner Keller صاحب كتاب "الكتاب المقدس كان صحيحاً" أن سيل العرم
قد حدث كما ورد وصفه في القرآن الكريم، وأنه وقع في تلك المنطقة، وأن هلاك المنطقة بكاملها بسبب انهياره، إنما يبرهن على أن المثال الذي ورد في القرآن الكريم عن قوم الجنتين قد وقع فعلاً.
كانوا إلى هذا الوقت ما يزالون في قراهم وبيوتهم , ضيق الله عليهم في الرزق ,وبدلهم من الرفاهية والنعماء خشونة وشدة,وتبدلت تلك الجنان بصحراء تتناثر فيها الأشجار البرية الخشبية ,ولكن لم يمزقهم ولم يفرقهم . وكان العمران ما يزال متصلا بينهم وبين القرى المباركة وهي مكة في الجزيرة ,وبيت المقدس في الشام..
وغلبت الشقوة على سبأ..فلم ينفعهم النذير الأول ,ولم يوجههم إلى الله,بل دعوا دعوة الحمق والجهل
يقول ابن كثير: يذكر الله ما كانوا فيه من الغبطة والنعيم والعيش الهني والرغيد,والبلاد الرضية والأماكن الآمنة,والقرى المتواصلة المتقاربة بعضها من بعض مع كثرة أشجارها وزروعها وثمارها,بحيث إن مسافرهم لا يحتاج غلى حمل زاد ولا ماء, بل حيث نزل وجد ماء وثمرا ويرحل من قرية ويبيت في أخرى يمقدار ما يحتاجون إليه في سفرهم.
فكانوا يسيرون غير خائفين ولا جياع ولا ظماء,وكانوا يسبرون مسيرة أربعة أشهر في أمان .
ولكنهم جحدوا بنعمة الله عليهم مرة أخرى ودعوا دعوة جهل وحماقة
فبطروا هذه النعمة ,وأرادوا ان يرحلون مع الزاد والرواحل والسير في الخوف والحرور,كما طلب بنو إسرائيل من موسى أن يخرج الله لهم مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها,مع انهم كانوا في عيش من رغد من من وسلوى
ولكن استجيبت دعواتهم
وقال تعالى ( فجعلناهم أحاديث ومزقناهم كل ممزق)
فجعلهم الله حديثا للناس , وكيف مكر الله بهم وفرق شملهم بعد الاجتماع والألفة والعيش الهني,تفرقوا في البلاد هنا وهنا ..
فانظروا كيف كان جزاؤهم من جنس عملهم ؟!
بقايا المدينة
فبعد أن كانوا اصحاب حضارة كبيرة ..أصبحوا حديثا يروى... وقصة تحكى
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire