كيسيلوفا هي قرية فقيرة و صغيرة لا يميزها شيء عن مئات القرى البائسة المحيطة بها ، كان سكانها من المزارعين الصرب البسطاء يعيشون بسلام و هدوء قانعين بفقرهم و بؤسهم الازلي و لكن ذلك كله تبدل في اليوم الذي توفى فيه احد ابنائها و يدعى بيتر بلوكويتز ، ذلك الاسم الذي اصبح مجرد ذكره ينشر الرعب و الذعر على وجوه سامعيه و يجعل دمائهم تتجمد في شرايينهم. اليك عزيزي القاريء القصة الكاملة لواحدة من اقدم و اشهر قصص مصاصي الدماء و لا تنسى دوما بأننا نتكلم عن حقائق بعيدا عن الخرافات و الاساطير ، حقائق قد يعجز العلم احيانا عن ايجاد تفسير منطقي لها.
طقوس اعدام مصاص الدماء .. حقيقة ممزوجة بالخيال
الى اليمين صورة تخيلية لمصاص الدماء كما يتصوره الناس اما الى اليسار فصورة تاريخية تمثل عملية اعدام مصاص الدماء عن طريق وتد خشبي. |
لم يكن الموظف النمساوي (فرومبلاد) يتخيل حتى في الاحلام ان يستمع لهكذا طلب ، فرغم انه استمع الى الكثير من الترهات و الخرافات منذ ان تم تعيينه في المكتب الحكومي في المقاطعة الصربية الا ان هذا الطلب كان غريبا و مرعبا بكل معنى الكلمة مما جعله يشعر بشيء من القرف و الاشمئزاز و هو يستمع الى مجموعة المزارعين البسطاء الواقفين امام مكتبه ، كانوا مجموعة من الرجال البؤساء و قد زادهم الرعب و الخوف المرتسم على وجوههم تعاسة و بؤسا. اخبروه بأن القصة بدأت في اليوم الذي توفى فيه المزارع بيتر بلوكويتز (Peter Plogojowitz)، حيث بدأت بعدها حوادث الموت الغريبة في القرية ، خلال تسعة ليالي مات تسعة رجال في القرية ، كانوا يجدونهم جثة بلا حراك في فراشهم صباحا و قد تعرضوا للخنق و فقدان الدم اثناء نومهم ، بعض المزارعين اقسموا بأنهم شاهدوا جثة بلوكويتز تتجول في طرقات القرية ليلا و ان زوجته قد اخبرتهم بأنه اتى اليها و طلب منها ان تعطيه حذاءه و انها فرت من القرية بعد هذه الحادثة خوفا و هلعا ، و ان الكثيرين من سكان القرية ايضا فروا الى القرى الاخرى خوفا من ان يتعرضوا للموت على يد بلوكويتز الذي يصرون على انه تحول الى مصاص دماء بعد موته.
لم تنفع كل محاولات فرومبلاد لثني المزارعين عن نبش قبر بلوكويتز او ان ينتظروا موافقة السلطات في بلغراد على ذلك ، لقد توسلوا به بأن يساعدهم بأن يحضر كشاهد لأن المسألة لا تتحمل الانتظار فهم يخشون ان تتأخر وصول موافقة بلغراد و في هذه الاثناء فأن بلوكويتز سيقضي على جميع الاحياء في القرية ، لقد اقسموا له بأن شيئا مماثلا حصل في قرية مجاورة قبل عشرين عام –زمان احتلال الاتراك لصربيا- و ان جميع ساكنيها تعرضوا للقتل على يد مصاص الدماء لأنهم تأخروا في نبش قبره .
و رغم عدم رضاه عما ينوي المزارعون فعله الا انه اشفق عليهم لما هم فيه من رعب و بؤس و قرر الحضور لمشاهدة عملية نبش القبر و رافقه ايضا قس المقاطعة موفدا عن الكنيسة و في يوم ما من عام 1725 وقف الاثنان و هما يشاهدان المزارعين ينبشون قبر بيتر بلوكويتز و يكشفون عن جثته ، الى هنا عزيزي القاريء ربما يكون من الافضل ان اتركك مع ما كتبه الموظف (فرومبلاد) في تقريره الذي رفعه الى مسؤوليه النمساويين في بلغراد (صربيا كانت محتلة انذاك من قبل امبراطورية النمسا) حول ما رأه في ذلك اليوم الكئيب :
"بما ان هناك علائم خاصة على جثث هؤلاء الناس (الذين يسمونهم الناس هنا بالفامباير Vampire) ، منها عدم تحلل الجثة و استمرار الجلد و الشعر و اللحية و الاظافر بالنمو و التجدد ، لذلك قرر السكان بالاجماع نبش قبر بيتر بلوكويتز و فحص جثته للتأكد من وجود بعض العلائم سالفة الذكر عليها ، لذلك اتوا الي و قصوا علي الاحداث التي جرت في قريتهم و طلبوا مني و كذلك من راعي الابرشية بأن نأتي لرؤية عملية نبش القبر ، و رغم اني لم اشجعهم على فعل ذلك و اخبرتهم بأن السلطة الرسمية يجب ان تبلغ و يجب اطاعة رأيها و لكنهم لم يوافقوا على ذلك و اصروا على نبش القبر و قد خفت اني لو منعتهم من ذلك فأنهم سيهجرون بيوتهم و قريتهم و لأنه خلال الفترة التي يستغرقها وصول الموافقة من بلغراد فأن قريتهم ربما - و قد حدث هذا زمن الاتراك كما اخبروني – ستدمرها و تفنيها الارواح و المخلوقات الشريرة.
و بما اني لم استطع ثني السكان من نبش القبر سواء بالكلام المعسول او بالتهديد و الوعيد لذلك فقد ذهبت الى قرية كيسيلوفا برفقة راعي الابرشية و رأيت جثة بيتر بلوكويتز ، و قد نبشوها توا و قد لاحظت ، و بكل صدق ، بأني لم اشم و لا حتى القليل من الرائحة الكريهة التي تميز جثث الموتى ، و الجثة كانت سليمة و لم تتحلل بعد ، بأستثناء الانف الذي كان نوعا ما قد تنحى عن مكانه ، لكن الشعر و اللحية و كذلك الاظافر كانت قد طالت و نمت كما ان الجلد القديم كان قد تقشر و خرج منه جلد جديد و كذلك الوجه و الرأس و الاطراف كانت كلها بحالة جيدة كما لو كان الميت لايزال على قيد الحياة ، و لشدة دهشتي فقد شاهدت دماء طازجة تغطي فمه و التي طبقا لأقوال الحضور فأنها دماء ضحاياه الذين مص دمائهم.
بأختصار ، جميع العلائم التي تصاحب جثث مصاصي الدماء كانت ظاهرة على الجثة ، و بعد ان شاهدنا ذلك انا و راعي الابرشية ، فأن السكان اصبحوا اكثر هيجانا و قاموا على وجه السرعة بجلب عصا مدببة استعدادا لدفعها في قلب الميت و التي اثناء اختراقها للقلب فأنه ليس فقط الكثير من الدم الطازج انفجر من فم و اذان الميت و لكن كانت هناك علائم مرعبة اخرى حدثت للجثة – عفيت عن ذكرها احتراما – ، بعد ذلك قام السكان و طبقا لطقوسهم بحرق الجثة".
هذه كانت شهادة الموظف فرومبلاد و الموثقة في السجلات الحكومية في بلغراد لما رأه في ذلك اليوم و قد ارسل هذا التقرير الى مسؤوليه و طلب بتواضع في نهايته ان يغفروا له ان كان اخطأ في اداء واجبه و لكن يبدو ان احدا لم يهتم او يلتفت اصلا لما كتبه فرومبلاد و بقى التقرير محفوظا لعقود في سجلات الحكومة حتى وقعت عليه ايدي المؤرخين و بغض النظر عن ايماننا بصحة ما ورد في شهادته حول الجثة الا ان هذه الشهادة تبقى اقدم توثيق في اوربا لعملية اتلاف جثث الاشخاص الذين يعتقد بأنهم تحولوا الى مصاصي دماء و التي استوحى منها الكاتب برام ستوكر روايته الشهيرة "دراكولا" .
اما في زماننا هذا ، و طبقا لمراسل احد الصحف الصربية الشهيرة الذي زار القرية للتحقيق عن اصل الحادثة فأن القرويون لم يكونوا يعرفون اي القبور كانت تعود الى بلوكويتز و لكن هناك عائلة في القرية ماتزال تحمل هذا الاسم و ربما تكون من ذرية بيتر بلوكويتز كما ان قصص مصاصي الدماء لا تزال رائجة في القرية ، احد القرويين اخبر الصحفي عن قصة مصاصة دماء موجودة حاليا في القرية و كيف انها تجوب القرية بحثا عن الدماء الطازجة و لكن الصحفي لم يستطع معرفة ماذا فعل الاهالي معها و هل مازالوا يمارسون طقوس توتيد الموتى (ادخال وتد في قلب الجثة).
لم تنفع كل محاولات فرومبلاد لثني المزارعين عن نبش قبر بلوكويتز او ان ينتظروا موافقة السلطات في بلغراد على ذلك ، لقد توسلوا به بأن يساعدهم بأن يحضر كشاهد لأن المسألة لا تتحمل الانتظار فهم يخشون ان تتأخر وصول موافقة بلغراد و في هذه الاثناء فأن بلوكويتز سيقضي على جميع الاحياء في القرية ، لقد اقسموا له بأن شيئا مماثلا حصل في قرية مجاورة قبل عشرين عام –زمان احتلال الاتراك لصربيا- و ان جميع ساكنيها تعرضوا للقتل على يد مصاص الدماء لأنهم تأخروا في نبش قبره .
و رغم عدم رضاه عما ينوي المزارعون فعله الا انه اشفق عليهم لما هم فيه من رعب و بؤس و قرر الحضور لمشاهدة عملية نبش القبر و رافقه ايضا قس المقاطعة موفدا عن الكنيسة و في يوم ما من عام 1725 وقف الاثنان و هما يشاهدان المزارعين ينبشون قبر بيتر بلوكويتز و يكشفون عن جثته ، الى هنا عزيزي القاريء ربما يكون من الافضل ان اتركك مع ما كتبه الموظف (فرومبلاد) في تقريره الذي رفعه الى مسؤوليه النمساويين في بلغراد (صربيا كانت محتلة انذاك من قبل امبراطورية النمسا) حول ما رأه في ذلك اليوم الكئيب :
"بما ان هناك علائم خاصة على جثث هؤلاء الناس (الذين يسمونهم الناس هنا بالفامباير Vampire) ، منها عدم تحلل الجثة و استمرار الجلد و الشعر و اللحية و الاظافر بالنمو و التجدد ، لذلك قرر السكان بالاجماع نبش قبر بيتر بلوكويتز و فحص جثته للتأكد من وجود بعض العلائم سالفة الذكر عليها ، لذلك اتوا الي و قصوا علي الاحداث التي جرت في قريتهم و طلبوا مني و كذلك من راعي الابرشية بأن نأتي لرؤية عملية نبش القبر ، و رغم اني لم اشجعهم على فعل ذلك و اخبرتهم بأن السلطة الرسمية يجب ان تبلغ و يجب اطاعة رأيها و لكنهم لم يوافقوا على ذلك و اصروا على نبش القبر و قد خفت اني لو منعتهم من ذلك فأنهم سيهجرون بيوتهم و قريتهم و لأنه خلال الفترة التي يستغرقها وصول الموافقة من بلغراد فأن قريتهم ربما - و قد حدث هذا زمن الاتراك كما اخبروني – ستدمرها و تفنيها الارواح و المخلوقات الشريرة.
و بما اني لم استطع ثني السكان من نبش القبر سواء بالكلام المعسول او بالتهديد و الوعيد لذلك فقد ذهبت الى قرية كيسيلوفا برفقة راعي الابرشية و رأيت جثة بيتر بلوكويتز ، و قد نبشوها توا و قد لاحظت ، و بكل صدق ، بأني لم اشم و لا حتى القليل من الرائحة الكريهة التي تميز جثث الموتى ، و الجثة كانت سليمة و لم تتحلل بعد ، بأستثناء الانف الذي كان نوعا ما قد تنحى عن مكانه ، لكن الشعر و اللحية و كذلك الاظافر كانت قد طالت و نمت كما ان الجلد القديم كان قد تقشر و خرج منه جلد جديد و كذلك الوجه و الرأس و الاطراف كانت كلها بحالة جيدة كما لو كان الميت لايزال على قيد الحياة ، و لشدة دهشتي فقد شاهدت دماء طازجة تغطي فمه و التي طبقا لأقوال الحضور فأنها دماء ضحاياه الذين مص دمائهم.
بأختصار ، جميع العلائم التي تصاحب جثث مصاصي الدماء كانت ظاهرة على الجثة ، و بعد ان شاهدنا ذلك انا و راعي الابرشية ، فأن السكان اصبحوا اكثر هيجانا و قاموا على وجه السرعة بجلب عصا مدببة استعدادا لدفعها في قلب الميت و التي اثناء اختراقها للقلب فأنه ليس فقط الكثير من الدم الطازج انفجر من فم و اذان الميت و لكن كانت هناك علائم مرعبة اخرى حدثت للجثة – عفيت عن ذكرها احتراما – ، بعد ذلك قام السكان و طبقا لطقوسهم بحرق الجثة".
هذه كانت شهادة الموظف فرومبلاد و الموثقة في السجلات الحكومية في بلغراد لما رأه في ذلك اليوم و قد ارسل هذا التقرير الى مسؤوليه و طلب بتواضع في نهايته ان يغفروا له ان كان اخطأ في اداء واجبه و لكن يبدو ان احدا لم يهتم او يلتفت اصلا لما كتبه فرومبلاد و بقى التقرير محفوظا لعقود في سجلات الحكومة حتى وقعت عليه ايدي المؤرخين و بغض النظر عن ايماننا بصحة ما ورد في شهادته حول الجثة الا ان هذه الشهادة تبقى اقدم توثيق في اوربا لعملية اتلاف جثث الاشخاص الذين يعتقد بأنهم تحولوا الى مصاصي دماء و التي استوحى منها الكاتب برام ستوكر روايته الشهيرة "دراكولا" .
اما في زماننا هذا ، و طبقا لمراسل احد الصحف الصربية الشهيرة الذي زار القرية للتحقيق عن اصل الحادثة فأن القرويون لم يكونوا يعرفون اي القبور كانت تعود الى بلوكويتز و لكن هناك عائلة في القرية ماتزال تحمل هذا الاسم و ربما تكون من ذرية بيتر بلوكويتز كما ان قصص مصاصي الدماء لا تزال رائجة في القرية ، احد القرويين اخبر الصحفي عن قصة مصاصة دماء موجودة حاليا في القرية و كيف انها تجوب القرية بحثا عن الدماء الطازجة و لكن الصحفي لم يستطع معرفة ماذا فعل الاهالي معها و هل مازالوا يمارسون طقوس توتيد الموتى (ادخال وتد في قلب الجثة).
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire