mardi 30 octobre 2012

أحفاد دراكولا .. بلدة مصاصين دماء أدهشت العالم


قد يبدو عنوان هذه المقالة مثيرا بعض الشيء، وقد تظن عزيزي القارئ انه لمجرد لفت الانتباه وجذب القراء، ‏لكن اسمح لي بأن أخيب ظنك لأن قصتنا لهذا اليوم كتبت عنها العديد من الصحف العالمية الشهيرة والمرموقة، ‏ولأن وقائعها حدثت في قلب أوربا قبل عدة سنوات فقط فأثارت دهشة العالم ليس فقط لغرابتها ولكن لحقيقة وجود ‏أناس في القرن الحادي والعشرين لازالوا يؤمنون بقوة بمصاصي الدماء ويقومون بطقوس مخيفة تحيطها السرية ‏التامة والتكتم الشديد من اجل محاربتهم والقضاء عليهم. لكن ما كشف المستور وفضح المخفي هو اتصال تلفوني ‏أجرته إحدى السيدات مع الشرطة حول انتهاك حرمة احد القبور، اتصال غريب تحولت على أثره بلدة مصاصي ‏الدماء المنسية بين ليلة وضحاها إلى حديث الناس وقبلة الصحافة ووسائل الإعلام.‏
 
بلدة مصاصي دماء في القرن الواحد والعشرين!!
 
حين كتب برام ستوكر روايته المرعبة حول الكونت دراكولا قبل أكثر من قرن من الزمان ظن العديد من الناس أنها مجرد رواية خرافية مستوحاة عن حياة الأمير الدموي فلاد تيبس الذي اشتهر في العصور الوسطى بأنه شيد حول قلعته غابة من الخوازيق (1) التي يجلس فوق كل منها ضحية بشرية ليموت ببطء. لكن ما لا يعلمه معظم الناس أن قصص مصاصي الدماء في رومانيا حيث عاش وحكم دراكولا ليست مجرد خرافات تقصها العجائز لتخويف أحفادهن في ليالي الشتاء الباردة، لكنها اعتقاد راسخ لدى الكثير من الرومانيين الذين يؤمنون بأن مصاص الدماء مخلوق حقيقي وموجود فعلا.
قبر بيتري توما .. "مصاص الدماء!"
قبر بيتري توما .. "مصاص الدماء!"
 
في عام 2004 تلقت الشرطة الرومانية اتصالا غريبا من سيدة تشتكي بأن هنالك عدة أشخاص انتهكوا حرمة قبر والدها ومثلوا بجثته، على الفور بدئت الشرطة بأجراء تحقيقاتها في البلدة التي أتت منها الشكوى، وهي بلدة صغيرة تدعى مارتنو دي سيوز وتقع في منطقة نائية إلى الجنوب الغربي من رومانيا. وسرعان ما تم اعتقال ستة أشخاص اعترفوا صراحة وبدون مواربة بأنهم انتهكوا حرمة قبر السيد بيتري توما لأنه تحول بعد موته إلى مصاص دماء قام بمهاجمتهم أثناء الليل عندما كانوا نائمين وامتص دمائهم حتى أصابهم الإعياء والمرض وكادوا أن يفرقوا الحياة.
سرعان ما انتشر الخبر في الصحف وتقاطر الصحفيون على البلدة المغمورة. لم تكن القصة جديدة على الرومانيين الذين عرفوا لقرون طويلة ممارسة طقوس معينة من اجل التخلص من شر مصاصي الدماء، لكن الجديد في القضية هو أن معظم الناس، خصوصا في المدن والمناطق المتحضرة، كانوا يظنون أن طقوسا كهذه قد اندثرت منذ زمن بعيد ولم يعد أحد يمارسها، كما أنها المرة الأولى التي شهدت تدخل الشرطة في قضية كهذه. وقد كشفت التحقيقات أن بعض أفراد عائلة السيد توما كانوا من ضمن الأشخاص الذين شاركوا في الطقوس وان ابنته التي أبلغت الشرطة عن الحادثة والتي تعيش مع زوجها خارج البلدة هي الوحيدة التي لم تكن تعلم شيئا عن القضية وإنها اكتشفت الأمر لاحقا. السيد بتري توما كان عجوزا في السادسة والسبعين توفى قبل أيام قليلة من أعياد ميلاد عام 2003، كان معلما ورب عائلة كبيرة يحترمه الجميع في البلدة، ولم تظهر عليه أثناء حياته أي من العلامات التي يعتقد الناس في رومانيا بأنها تدل على أن الشخص سيصبح مصاص دماء بعد موته، مثل أن تسقط أسنانه العليا قبل السفلى في طفولته أو أن تثب قطة من فوقه أو أن يحلق خفاش فوق قبره فور دفنه .. الخ من الأمور التي يتشاءم منها الناس. لكن لم تمض سوى فترة قصيرة على دفن السيد توما حتى أصيبت عائلة ابنة أخته مايرلا بمرض غامض لم يعرف الأطباء سببه ولا اهتدوا لعلاجه، لكن الكوابيس التي أخذت تنتاب أفراد العائلة ليلا كشفت لهم سبب اعتلالهم، وأكد ذلك احد الجيران الذي اخبرهم بأنه شاهد شبح بتري توما وهو يغادر منزلهم قبل بزوغ الفجر بقليل واقسم هذا الجار على أنه شاهد سربا من الغربان حلق فوق رأسه كنذير شؤم.
"لقد امتص الحياة من أجسادنا لكي يعيش هو" قالت مايرلا لأحد الصحفيين ثم أردفت تشرح له ما حدث : "كنا نحتضر جميعا، أنا وأبني وزوجته، في الليل شاهدنا جميعا نفس الكابوس، لقد رأينا شبح الخال توما وهو يأتي إلينا ليمتص دمائنا".
كان علاج عائلة مايرلا يتطلب طقوسا معينة وتحركا سريعا، لذلك انطلق بعد عدة أيام في جوف الليل ستة رجال يقودهم جورج زوج مايرلا، خرجوا من البلدة باتجاه المقبرة، كانوا مسلحين بمطارق حديدية وأزاميل وأوتاد خشبية، شقوا طريقهم وسط القبور بحذر حتى توقفوا عند ضريح السيد توما ثم شرعوا بالحفر بسرعة، اخرجوا التابوت ثم انتظروا بقلق دقات الساعة الثانية عشر إيذانا بانتصاف الليل لكي يبدءوا ما خططوا له بدقة لعدة أسابيع، الطقوس القديمة التي توارثوها جيلا بعد أخر. وأخيرا حين حانت اللحظة المناسبة قام الرجال برفع غطاء الكفن والقوا نظرة سريعة على الجثة التي مضى على دفنها عدة أشهر، وليتك كنت هناك عزيزي القارئ لترى ملامح الدهشة والرعب التي ارتسمت على وجوه هؤلاء الرجال الذي وقفوا وسط قبور الموتى فاغرين أفواههم وقد اعتراهم خوف شديد وهم يتطلعون إلى جثة كان من المفروض بأنها في طور التحلل والتفسخ لكنها بدت سليمة كأنها دفنت بالأمس.
"حين رفعنا غطاء الكفن شاهدنا يدي الخال توما مبسوطتان إلى جانبيه في حين كنا متأكدين تماما بأنهما كانتا معقودتان على صدره حين دفناه أول مرة!" قال جورج رافعا حاجبيه وملوحا بيده بتعجب ثم تابع حديثه عما شاهده في تلك الليلة المخيفة قائلا : "رأسه كان قد تنحى جانبا! وكانت هناك بقع يابسة من الدم على ذقنه وشفتيه".
كانت هذه العلامات دليلا مؤكدا على أن بيتري توما قد تحول إلى ما يسميه الرومانيين ستريجوي، وهي المرحلة الأولى لتحول مصاصي الدماء، وخلال هذه المرحلة يتحرك الميت –وأحيانا الحي عن طريق السحر- مثل الشبح ولكنه لا يستطيع الخروج والتجول سوى في الليل فقط وعادة ما يبدأ بمهاجمة ومص دماء أقاربه ويستمر على هذا النهج حتى يتحول إلى المرحلة الثانية التي يصبح خلالها مصاص دماء كامل القوى يستطيع التحرك خلال النهار ويستطيع حتى أن يعيش بين الناس كشخص عادي ويتزوج وتكون له ذرية من دون أن يشعر به احد. وقد تعلم القرويين الرومانيين عن أجدادهم بأنهم يجب أن ينتزعوا قلب الستريجوي بأسرع وقت قبل أن يتحول إلى مصاص دماء خارق القوى لا يمكن القضاء عليه وحينها سيكون بإمكانه إبادة قرى بأكملها. لذلك فقد سارع جورج ورفاقه إلى شق صدر جثة السيد توما بواسطة مذراة ثم انتزعوا القلب من مكانه.
القضاء على مصاص الدماء
القضاء على مصاص الدماء
 
"لم يكن الدم في قلبه متخثرا ولا فاسدا بل كان طازجا يتدفق منه بغزارة كأنه قلب إنسان حي" قال جورج ثم تابع كلامه حول ما حدث بعد ذلك : "حين انتزعنا القلب لاحظنا بأن جسده بدء يسترخي ونأت عنه تنهيدة!". وبعد أن انتزعوا القلب ووضعوه على رأس المذراة قاموا بغرس وتد خشبي في الجثة ونثروا قليلا من الثوم حولها ثم أعادوها إلى القبر وسارعوا بمغادرة المكان.
كانت مايرلا تنتظر عودة زوجها جورج عند طريق قديمة بالقرب من المقبرة وقد قامت بمساعدة ابنها وزوجته بإيقاد النار اللازمة لإكمال الطقوس، وما أن وصل الرجال حتى وضعوا القلب داخل النار وجلسوا جميعا ينتظرون احتراقه وتحوله إلى رماد. جورج وصف ما حدث بعد ذلك قائلا : "بعد أن تفحم القلب مزجنا رماده مع الماء وشربنا منه، وعلى الفور استعدنا عافيتنا جميعا، لقد بدا الأمر كما لو أن شخصا ما رفع عنا مرة واحدة جميع الألم والمرض الذي كنا نشعر به". لم يكن جورج يشعر بالذنب لما قام به بل بالعكس كان اعتقاده راسخا بأنه فعل الصواب : "لو لم نفعل شيئا لكانت زوجتي وابني وزوجته الآن في عداد الأموات، لقد رأيت حوادث مشابهة في السابق" قال جورج ثم تابع كلامه مدافعا عما اقترفه : "لقد قمنا بطقوس عمرها مئات السنين، لا نعتقد بأننا اقترفنا جرما. على العكس، نعتقد بأننا أقدمنا على عمل جيد لأن روح بتري توما كانت تطاردنا جميعا وكانت على وشك أن تقتل بعضنا، لقد عاد من بين الموتى وكان يلاحقنا!".
تحقيقات الشرطة حول القضية كشفت بأن طقوس مصاصي الدماء أجريت لأكثر من عشرين مرة في البلدة خلال السنوات القليلة المنصرمة. ربما كان الأمر عجيبا ومثيرا للاشمئزاز عند معظم الناس أما هنا في هذه البلدة النائية من الريف الروماني فالسكان يعتقدون بأن الأمر عادي جدا ولا يستحق كل هذه الضجة التي أثيرت حوله، وقال معظمهم أن الرجال الستة فعلوا ما كان يتوجب عليهم القيام به لدرء الخطر عن أنفسهم وعن عائلاتهم. أما السلطات في المقاطعة فقد كان لها رأي أخر إذ إن القضاء حكم على كل من الرجال الستة بالسجن ستة أشهر لكن مع إيقاف التنفيذ.
باولو ديكانو، احد سكان البلدة علق على القضية قائلا :"حسنا فعلوا بأن انتزعوا قلبه لأن الناس كانوا في خطر، القرويون الرومان يعرفون كيف يقيمون الطقوس التي تطرد أرواح الموتى الشريرة".
شخص أخر من البلدة يدعى دميتريو تحدث عن تجربته الشخصية مع مصاصي الدماء قائلا : "احد أعمامي مات عام 1992 وبعد عدة أيام على دفنه أصبحت مريضا بشدة. الأطباء لم يستطيعوا تشخيص مرضي ولم يعرفوا ما خطبي. بعد عدة أيام، دخلت عمتي إلى غرفتي تحمل كأسا من ماء وطلبت مني أن اشربه، فقمت بشربه حتى أخر قطرة، وعلى الفور استعدت عافيتي وتخلصت من المرض. وقد علمت لاحقا بأن الماء الذي شربته كان يحتوي على رماد قلب عمي الميت!". شخص أخر يدعى دومينكا علق على كلام صديقه قائلا : "لقد كان هناك عشرات الموتى الذين تحولوا إلى مصاصي دماء وكانوا يطاردونا، وفي العادة تقوم عائلة الميت الذي تحول إلى مصاص دماء بعقد اتفاق مع ضحاياه توافق بموجبه على انتزاع قلب قريبها وعلى عدم التحدث عن ذلك. ولم يسبق ان سجلت أي شكوى ضد الطقوس قبل قضية بيتري توما ". وكلام دومينكا هذا يتفق مع ما ذكره احد رجال الشرطة الذي طلب عدم ذكر اسمه وقال بأنهم، أي الشرطة، يعلمون عن إجراء هذه الطقوس منذ عقود طويلة ولكنهم لم يستطيعوا عمل أي شيء حيالها لأن أي شخص لم يشتكي منها سابقا.
1 - الخازوق هو وتد أو عمود خشبي طويل ومدبب الرأس يقومون بإدخاله في شرج المحكوم عليه بالموت ثم يرفعوه ويثبتوه بالأرض بشكل عمودي بحيث يبدو المحكوم من بعيد كأنه جالس أو طائر في الهواء ويترك على هذه الحالة ليدخل الرأس المدبب في جسمه بالتدريج فيكون موته بطيئا وقد يستمر لعدة أيام وأحيانا يخرج الخازوق من فمه، ويقال أنهم كانوا يطعمون المحكوم أحيانا بأكلات مسهلة للبطن ليزيدون من عذابه لأنه لا يستطيع التغوط.
أكثر من استعمل هذه الطريقة هم الأتراك العثمانيين ومنها أتت كلمة الخازوق العربية، وقد تعلم دراكولا هذه الطريقة حين كان أسيرا في البلاط العثماني لعدة سنوات ثم أسرف في استعمالها مع أعداءه و مع أسرى الحرب حين عاد إلى رومانيا حتى أن الناس أطلقوا عليه اسم فلاد المخوزق، ويقال انه قام في إحدى المناسبات بخوزقة عشرين ألف شخص من الرجال والنساء والأطفال في يوم واحد.

وحشية التعذيب على مر العصور...


ممارسات التعذيب كانت أكثر وحشيه فى كل العصور ..ربما يبدو العالم أقل خوف بعد أن تقرا هذه المقالة. فيها يتم عرض أساليب التعذيب الأكثر وحشية التي تم استخدامها من قبل أقرب الحضارات... اسمحوا لي ان اقول لكم ان بعد كل هذه الأساليب من التعذيب، .ان العالم الذي نعيش فيه قاسى ومخيف...انه شىء مخيف انهم كانوا يتعاملون مع البشر هكذا..

الموت بالغليان (السلق ):

صورة



هل شعرت بآلام مبرحة لمجرد انسكاب شىء ساخن عليك؟ إذا كانت الإجابة بنعم فهذا يعني انك قد تكون قادرة على تخيل الالام فى هذا الأسلوب الوحشى من التنفيذ العقوبه. كان يوضع سيئ الحظ في وعاء كبير من الماء. ويكون الماء البارد في البداية. ثم يضرم النار تحت القدر. الماء سوف يسخنأ ببطء ليغلي ويغلى السجين او المعاقب فيه لتغلي معها. هذا الأسلوب من العقاب يقال انه قد مورس في الصين. الرجل، الصين لديها بالتأكيد بعض العقوبات الوحشية. وأفادت التقارير أيضا أن هذا الأسلوب كان التنفيذ القانوني في المملكة المتحدة في 1500s.

  الصلب:

صورة


هذه الطريقة تكون فى التنفيذ بأن المعاقب يكون مسمر على الصليب ويترك في مكان عام او ساحه مفتوحة. وعادة السجين ينزف حتى الموت ، إن لم يكن أنه سوف يموت من الجوع او العطش اذا كان السجين كان محظوظا، وربما يموت فقط من خلال البرد القارس أو الحرارة..


 
السلخ:

صورة


السلخ هي واحدة من أكثر الوسائل وحشية التى سمعت بها . أنه ينطوي على إزالة الجلد من الجسم كله عن السجين إلى حد الم كبير في كل الحواس . كان هذا أسلوب عام من التنفيذ. بعد إزالة الجلد، سيتم طرحه ينزف حتى الموت. كما يتم استخدام المكونات المضافة مثل الملح لزيادة الألم بشكل كبير.


 
DISEMBOWELMENT

صورة


disembowelment

وكان هذا واحدا من أشد العقاب يمكن يناله واحد العصور القديمة. وكان عقوبه اللصوص والزناة المعتادة لتلقي هذه العقوبة. تقول تقارير أن معظمهم كان يمارس disembowelment في انكلترا. تحث هذه العقوبة، على إزالة تلك الأعضاء الحيوية من الجسم برمتها في حالة واعية حتى يخلى الجسم ويترك حتى يقتل..



تكسير العظام:


صورة


كان يعرف أيضا العقلب باسم عجلات كاترين. والاجسام تكون مربوطه إلى العجلة وتكون الأطراف متباعدة وممتده. وقدم العجلة لتدوير ثم يقوم شخص بمطرقة بالضرب على عظامه وجسده ضرب مبرح وقاسى ومجرد الضرب في عظام الأشخاص لكسرها. هذه العملية تستغرق عادة وقتا طويلا جدا. وعادة ما يتم ترك شخص على قيد الحياة مع كل الأطراف في جسده وعظامه مكسوره . فمن المؤكد وفاة طويلة ومؤلمة. اما إذا كان محظوظا فانه يحصل على ضربة مباشرة على الصدر أو المعدة والتي من شأنها أن تنتهي حياته على الفور ..



التطويق او الخازوق:


صورة


عباره عن عصا مسنونه تدخل من المستقيم او المهبل وتمر من خلال المعده لتخرج من الرقبه او الرأس،ويبقى الشخص معلق على هذا الخابور حتى يموت ..تمارس فيها كل من هذه الأساليب من التطويق باعتبارها وسيله الإعدام في العصور القديمة..ويكون المحكوم عليه سعيد الحظ اذا اخترق هذا الخابور قلبه ليعطيه ميته سريعه بدون تعذيب..



السحق:


صورة


كان يمارس هذا العقاب في جنوب آسيا وجنوب شرقها. والمدان توضع رأسه على حجر أو سطح مقذوف قليلا. وتسحق رأسه بواسطه فيل على درجة عالية من التدريب، الذي سوف يبذل ببطء الضغط على الرأس. فإن المعاقب يشعر كل أهوال مخيفة قبل وفاته و قبل اتخاذ أنفاسه الأخيرة. وأود أن اوضح انهم كانوا يفضلون هذه العقوبة.و من الصعب أن يتصور الناس الجرائم التي ارتكبت ليتم تنفيذ هذا النوع من العقوبات في جميع ألانحاء..!



الموت حرقا:


صورة


عنوان يفسر في الواقع ما هو كل شيء عن العقاب ولكن شيء واحد أن يعرف هو أن حرق لم يكن عشوائيا فقط. ولكن أول الحرق القدمين، ثم الساقين، ثم الفخذين تتحرك صعودا إلى أسفل البطن والصدر والرقبة ثم أخيرا الرأس. وأدان الشخص ليتتذوق الحروق والألم حتى تفحم النار قبالة الرقبة والوجه.



النشر:

صورة


هو أسوء شىء يمكنك أن تتخيله عن 'المنشار' و 'جسم الإنسان.. إن هذا الأسلوب سوف يكون أسوأ ما لم يكن بالطبع ...ففى فيلم "مذبحة تكساس" .كان يوجد توضيح لهذا الاسلوب من التعذيب ، والمحكوم عليه عادة تكون معلقة رأسا على عقب مع الساقين وبصرف النظر. ويتم نشره خلال الجسم كله، وقطع الرأس في نهاية المطاف اثنين. فإن الشخص عادة لا يموت حتى وصلت شهد الرأس. أي صوت للتعبير عن الألم..



التشريح البطىء:

صورة



كان طريقة شائعة لتنفيذ المجرمين مرة أخرى في سنة 900 بعد الميلاد وكان يمارس عادة في الصين. وهو معروف في الصين باسم "تشي لينغ 'الذي يعني' وفاة العالقة '. أصوات مخيفة؟؟؟ هو في الواقع أن يعاقب الشخص الذي أدان بواسطة سكين التقطيع التي تقوم بتقطيع شرائح من أجزاء مختلفة من الجسم على مدى فترة من الزمن. كان هذا الموت البطيء للغاية، استمرت أكثر من عشرين دقيقة في معظم الحالات. وتعتبر هذه الطريقه للاعدام من الطرق الوحشيه ومنتهى التعذيب لان يتم تقطيع المدان حتى يموت من شده الالم..

البحث عن مصاص الدماء .. (1) اقتفاء الأثر

لا أظن مخلوقا نال من الشهرة والشعبية كتلك التي نالها مصاص الدماء (Vampire)، لاسيما في عصرنا الحاضر حيث حمله الأدب والفن إلى أقصى بقاع الأرض فصار وجوده لازمة ضرورية لثقافة الرعب المعاصرة وأصبح أسمه مثارا لجدل لا ينتهي حول حقيقة وجوده وكينونته. وقد نالت صفحات موقعنا – كـابوس - حصتها من هذا الجدل البيزنطي العقيم، وهو أمر لم يخل من فائدة، لأنه زاد من حماسنا للمضي في رحلة بحث طويلة نفتش خلالها شواهد القبور المتآكلة في الجبانات القديمة المنسية، ونحلق فيها بأجنحة الخيال فوق قمم البلقان الشاهقة حيث نشئت الأسطورة وترعرعت، ونقلب بشغف أوراق محاضر بعض اغرب جرائم الدم وأبشعها ... ذلك كله من أجل تقديم مقالة مشوقة تحوي معلومة مفيدة وحكاية فريدة تحملك معها عزيزي القارئ إلى عالم آخر حيث الدم هو الحاكم والطاغي.
هل هناك مصاص دماء حقا ؟
للدم تاريخ .. وهو بالتأكيد تاريخ طويل يعود في جذوره إلى حقب وعصور ضاربة في القدم، إلى الجريمة الأولى التي أقترفها الإنسان حين تغلبت نوازع الشر والكراهية على عوامل الخير والمحبة في نفسه فحملته على سفك دم أخيه الإنسان، ومذ تلك اللحظة تدفق ذلك السائل الأحمر القاني بلا توقف كالشلالات حتى أصبح لونه رمزا للعنف، وفقدانه رديفا للوهن والضعف، وشربه كناية عن استلاب قوة الخصم والسيطرة على روحه .. ومن هنا ظهرت أساطير الآلهة والأشباح والعفاريت التي لا يروي ظمأها سوى الدم والتي تميز كل منها بصفات وقدرات خارقة منحصرة به؛ لكن التفاعل الحضاري بين الأمم، من خلال التجارة والأدب والحرب، مزج بين سمات هذه الكائنات الخرافية وصهرها معا في بوتقة شخصية مصاص الدماء التي نعرفها اليوم. لهذا يخطئ من يظن بأن الأسطورة بدئت في القرن الخامس عشر في رومانيا، وأن الكونت دراكولا كان قديس الدم الأول، فجذور الأسطورة أقدم من ذلك بكثير. لهذا وكمقدمة لهذا البحث، ارتأينا أن نمضي في رحلة بحث ننقب خلالها عن تلك الجذور القديمة المتوارية بين الظلال الداكنة والمتموجة لأحراش القصب والبردي الكثيفة الممتدة على ضفاف النيل والفرات والغانج .. الخ حيث الحواضن الأولى لحضارة بنو البشر.

وحوش الدم الأولى

سخمت الربة الفرعونية
سخمت (Sekhmet ) – مصر القديمة - : من أقدم الربات الفرعونية، كانت أقداح النبيذ الأحمر تسكب كالأنهار في مهرجانها السنوي من أجل إشباع رغبتها العارمة للدماء؛ صورها المصريون القدماء في هيئة امرأة برأس لبوه. كانت حامية الفرعون في الحروب، خلقها آله الشمس رع  لتدمر أعداءه في مصر السفلى – الوجه البحري -، لكنها أسرفت في قتل الناس حتى كادت أن تبيد الجنس البشري، وللجم شهوتها المنفلتة للدماء قام الإله رع بتحويل مياه النيل إلى اللون الأحمر فكرعت منه حتى أطفئت ظمأها، ومذ ذلك الوقت أصبح اصطباغ النهر باللون الأحمر – بسبب اختلاط ماءه بالطمي الأحمر – حكاية عن تعطش سخمت للدماء ورأفة الآلهة بالبشر.
ليليث (Lilith ) – ما بين النهرين - : ليليتو في السومرية، شيطانه شريرة ربطها الأكاديون والأشوريون بالعواصف والرياح التي تحمل المرض، صوروها في هيئة امرأة جميلة ذات شعر طويل تفتك بالنساء الحوامل والأطفال، تمتص الحياة والدماء من أجسادهم، وتشتهي الرجال فتعمد إلى إغوائهم وتظهر في أحلامهم وكوابيسهم وربما جعلتهم يمرضون؛ ومثل مصاص الدماء الذي نعرفه اليوم، ارتبطت ليليث بالليل، وعلى الأرجح فأن أسمها مشتق من مفردة (lily ) الأكادية والتي تعني الليل. ولاحقا خلال سبي الملك الكلداني نبوخذنصر لليهود (3) انتقلت أسطورتها من الفلكلور البابلي إلى التوراة حيث صورتها كعفريتة شريرة.
العفريته ليليث
إيدميو (Edimmu ) – ما بين النهرين - : نوع أخر من العفاريت التي عرفها السومريون واعتقدوا بأنها أرواح أثيرية شريرة تعود لموتى لم يدفنوا بصورة صحيحة ولائقة. هذه الأرواح الحاقدة تتنقل من مكان إلى آخر مع الريح لتصب جام غضبها على الأحياء، تحمل إليهم الأمراض والأفكار الفاسدة، وقد تتقمص أجساد أولئك الذين ينتهكون المحرمات والمقدسات، وتمتص الحياة من الأطفال خلال نومهم في الليل. ولتسكين غضبها ودرء شرها كان القدماء يقدمون لها النبيذ والأطعمة الجنائزية.
كالي (Kali ) – الهند - : ربة الزمن والتغيير التي غالبا ما يربط الهندوس بينها وبين الموت - مرور الزمن ينتهي بالموت حتما –، تتخذ تماثيلها في المعابد هيئة امرأة ذات بشرة زرقاء وشعر أسود طويل، لها أربعة أيدي، اثنتان على اليسار تحملان سيفا يقطر دما ورأسا بشرية فيما اليدين الأخريين في الجهة اليمنى تكونان مبسوطتان دلالة على أن الربة تحمي وتعطف وتغفر لأولئك الذين يخلصون عبادتها.
الربة الهندوسية كالي
أصنام كالي غالبا ما تكون عارية، تطوق رقبتها قلادة كبيرة من الرؤوس البشرية، ويمتد من فمها لسان طويل يشبه لسان أفعى، وقد تبرز أنيابها لتضفي عليها مزيدا من الرهبة.
وبحسب المعتقدات الهندوسية فأن الربة كالي ذهبت برفقة الربة دوركا لمحاربة وقتل العفريت راكتباجي، المعركة كانت في غاية الشراسة، فالعفريت الشرير كان يعيد إنتاج نفسه مع كل قطرة دم تسقط من جسده، لهذا عمدت كالي إلى لعق الدم المتساقط من جروحه النازفة حتى امتصت دمه كله، فتمكنت الربتان من قتله.
جوريل (Churel) – الهند - : حسناء جميلة ترتدي ساري - ثوب هندي تقليدي ترتديه النساء - أبيض أو أحمر وتعيش بالقرب من العيون والسواقي، يمكن التعرف عليها عن طريق أجسادها التي لا تعكس النور،أي لا ظل لها، ولسانها الأسود الطويل وقدماها المقلوبتان إلى الوراء، فالأقدام المقلوبة، أي الأصابع إلى الخلف والكعب إلى الأمام، هي من أبرز سمات الأشباح الهندية (Bhoot ).
بحسب الأساطير الهندية، الجوريل هي روح تعيسة لامرأة ماتت بسبب نزف مرتبط بممارسة الجنس أو الحمل والولادة، لهذا تكره هذه العفريتة الرجال بصورة عامة والشباب منهم خاصة! فهي تعتبرهم سبب موتها وتسعى للانتقام منهم، وعادة ما يكون حبيبها الأخير في حياتها هو أول ضحاياها، وهي لا تنفك تغوي وتخدع الرجال في البقاع النائية والمهجورة لتجهز عليهم وتمتص دمائهم حتى آخر قطرة.
راكشاسا (Rakshasa ) – الهند - : عفاريت يقال بأنها سكنت أرض الهند منذ أقدم العصور، قبل ظهور البشر بفترة طويلة. وهي كائنات مخيفة ذات قدرات خارقة تتيح لها تقمص أشكال وهيئات مختلفة، فيمكنها أن تتلون للبشر في صورة حيوان أو امرأة جميلة، وهي تعشق لحم ودم البشر، خصوصا الأطفال الصغار. ومثل مصاصي الدماء، تختبئ هذه العفاريت في المقابر أثناء النهار وتنشط في الليل حيث تكون في أوج قوتها، كما قد تتلبس أجساد الموتى في بعض الأحيان.
راكشاسا
براهماباروشا (Brahmaparusha ) – الهند - : من أكثر العفاريت إثارة للرعب، فهذه المخلوقات البشعة تلف أمعاء ضحاياها حول رأسها كالعمامة!. وهي تحمل معها دوما جمجمة بشرية تستخدمها كالكأس لاحتساء دماء البشر الذين تصطادهم، وحين تنتهي من شرب الدم حتى آخر قطرة، تقوم بالتهام الدماغ وتستخرج الأمعاء والأحشاء لتلفها حول رقبتها وتبدأ بالرقص حول الجثة.
 فيتالا (Vetala ) – الهند - : هي أرواح هائمة في البرزخ لم تستطع العثور على طريقها إلى العالم الآخر بسبب دفنها بصورة غير لائقة، ولأنها ضائعة ما بين عالمنا والعالم الآخر، يكون إحساسها بالزمن معدوم. وغالبا ما تتقمص جثث الموتى في المقابر لإثارة الرعب في قلوب الأحياء، فتسبب الجنون للبعض وتجهض لرؤيتها الحوامل، وهي لا تتورع عن قتل الأطفال الصغار إذا ظفرت بهم. وكما في أسطورة مصاص الدماء، فأن الجثة التي تتلبسها هذه الأرواح الشريرة تتوقف عن التحلل والتعفن، ولا يمكن التخلص منها إلا عن طريق إعادة دفن الميت بصورة صحيحة.
تشي جيانك .. مصاصي دماء الشرق الأقصى
جيانك تشي (Jiang Shi ) – الصين وكوريا واليابان - : كائنات مرعبة رهيبة تجمع بين صفات مصاصي الدماء و الزومبي؛ تدعى كانكشي في كوريا وكيونشي في اليابان، ومعناها "الجثث المتخشبة أو المتيبسة". وهي أرواح موتى بقيت حبيسة داخل جثثها لأسباب شتى، كالانتحار أو التعرض للقتل .. وفي هذه الحالات، أي عندما تفشل الروح في مغادرة الجسد الميت، فأن الجثة تتحول إلى جيانك تشي، وتبدأ في التغذي على الأحياء.
ويختلف شكل وهيئة الجيانك تشي بحسب سرعة التحول، فالجثث التي تتحول سريعا تكون أجسادها سليمة تقريبا ولذلك يصعب تمييزها عن البشر العاديين، لكن معظم الجثث تحتاج لفترة طويلة حتى تتحول، لهذا يكون منظرها بشعا ومخيفا، أجسادها شاحبة متحللة يغطيها العفن والطحلب الأخضر، شعرها أشعث أبيض ولسانها طويل أسود، يداها طويلتان تنتهيان بأظافر مدببة حادة كمخالب الحيوانات المفترسة، وهي تمشي بالوثب على رجل واحدة. وبحسب الخرافة فأن الإنسان بإمكانه الإفلات من قبضة هذه المسوخ الشريرة عن طريق حبس أنفاسه، لأنها عمياء تماما تعتمد على حاسة السمع فقط في ملاحقة وإمساك ضحاياها، وكما في أسطورة مصاصي الدماء الأوربية، فأن رمي بعض أشياء الصغيرة، كالأحجار أو فتات الخبز، في قبور الجيانك تشي سيمنعها من مطاردة البشر لأنها ستنشغل عنهم بحساب تلك الأشياء مرارا وتكرارا.
الغول .. وحش المقابر العربية
الغول – الشرق الأوسط - : هي كائنات الرعب الأشهر في التراث العربي والتي لا يزال صداها يتردد حتى اليوم في حكايات الأمهات والنساء العجائز في مختلف البلدان العربية، وهي تروى لتخويف وترويع الأطفال الصغار لكي يكفوا عن اللعب والشقاوة ويخلدوا إلى النوم. ويقال بأن الغول هي من أجناس الجن، وهي مؤنثة لدى البعض ومذكرة لدى آخرين، فيما زعم فريق آخر بأنها من سحرة الجن وذلك لقدرتها على التغول، أي التلون بأشكال وصور شتى من أجل الاحتيال على البشر واستدراجهم إلى مهاوي الهلاك. وهناك روايات عن الغول التي تسكن المقابر وتتغذى على لحوم الموتى، وهي لا تتوانى عن التهام لحوم الأحياء أذا ظفرت بهم. ويعتقد بعض الباحثين في الفلكلور بأن جذور خرافة الغول تعود إلى العفريت غالو (Gallu )، وهو أحد عفاريت العالم السفلي في الأساطير السومرية.
السعلاة – الشرق الأوسط - : مخلوقة خرافية من التراث العربي، يقال بأنها من الجن وهي أنثى الغول، وهي قاتلة بشعة اشتهرت عند العرب في قدرتها الفائقة على التحول إلى هيئة امرأة فاتنة الجمال تكمن للمسافرين عند مفترق الطرق في المناطق المهجورة والنائية لتغويهم وتتلاعب بهم حتى تهلكهم فتأكلهم وتشرب دمائهم.
روح مفترق الطرق الشريرة
سيواتيتيو (Cihuateteo ) – أمريكا الوسطى - : هي روح امرأة ماتت أثناء الولادة بحسب معتقدات الازتك، وهذه الروح الشريرة تسكن عند مفترق الطرق، تسرق الأطفال الصغار من أمهاتهم أثناء الليل، وتنشر الأمراض وتسبب الجنون للرجال، وقد صورها الازتك في هيئة امرأة مخيفة لها رأس هو عبارة عن جمجمة عظمية ولديها مخالب نسر في يديها.
تالابوتشي (Tlahuelpuchi) – أمريكا الوسطى - : هم مزيج بين السحرة ومصاصي الدماء، وهم في الحقيقة بشر عاديون، لكنهم يولدون مع لعنة أزلية لا يمكن الخلاص منها. ولأنهم ولدوا بصورة طبيعية لذلك يصعب التعرف عليهم وتمييزهم، ويستمرون بالعيش مع عائلاتهم كأطفال عاديين حتى يكتشفوا حقيقة ما هم عليه في وقت ما عند سن البلوغ. وحين يكتشف تالابوتشي ذاته فأنه يبدأ في الحال بالبحث عن ضحاياه، إذ يجب عليه أن يشرب الدم لمرة واحدة شهريا وإلا مات.
غالبية التالابوتشي من النساء، ولديهن القدرة على التحول والتلون في صور وأشكال شتى، لكنهن يفضلن هيئة النسر والعقاب. التالابوتشي يحوم طائرا فوق منزل ضحيته أولا، إذ عليه تأدية بعض الطقوس السحرية ليتمكن من دخول المنزل، وهو في العادة يفضل الأطفال الصغار لكنه قد يهاجم الكبار أيضا، يمتص دمائهم حتى الموت. وبحسب المعتقدات في المكسيك فأن البصل والثوم والحديد لها تأثير كبير في صد هجمات التالاباتشي.
تشوباكابرا (Chupacabra ) – الأمريكيتين - : مخلوق بشع تختلف أوصافه من منطقة إلى أخرى في أمريكا، له وجه حيوان قارض أو كلب، أنيابه طويلة ومعقوفة للداخل، جلده رمادي ضارب إلى الزرقة يعلو ظهره صف من الأشواك المسننة المنحدرة من أعلى الرأس وحتى نهاية الذنب. وهو يمشي على أربع لكن بإمكانه الانتصاب كالكنغر، طوله يتراوح بين 1 – 1.2 متر.
طالما أثار التشوباكابرا ذعر المزارعين بسبب مهاجمته لحيواناتهم الأليفة وكذلك بسبب طريقته الوحشية في القتل، فهو مصاص دماء حقيقي، ينشب أسنانه الحادة في صدر ضحيته ثم يبدأ بمص الدم حتى أخر قطرة.
وحوش افريقيا الدموية
ادزي (Adze ) – أفريقيا - : أرواح شريرة أعتقد شعب الإوي في غينيا بأنها تمتص دماء الناس أثناء نومهم في الليل، وهي تتنقل من مكان إلى آخر على شكل يراعة مضيئة، لكنها قد تتلبس جسدا بشريا. وغالبا ما تحوم الشكوك حول الأشخاص الحسودين والغيورين في كونهم ادزي.
أوبايافو (Obayifo ) – أفريقيا -: هذه الأرواح الشريرة شائعة جدا بحسب معتقدات شعب الأشانتي في غرب أفريقيا، فهي تتقمص أجساد الناس العاديين، وأحيانا قد تحل في أجساد الحيوانات لتفترس البشر. وهي تتحرك ليلا في شكل كرة مضيئة تنساب إلى داخل الأكواخ لتمتص الدماء من أجساد الأطفال.
امبوندولو (Impundulu ) – أفريقيا -: مخلوق خرافي بهيئة طائر كبير يبرق ويرعد حين يحرك جناحيه ومخالبه. وبحسب فلكلور قبائل الزولو والبونو في جنوب أفريقيا، يكون الإمبوندولو خادما للسحرة يرسلوه للقضاء على أعدائهم، وهو يتميز بولعه وشهيته المفتوحة للدماء، وقد يتخذ هيئة شاب وسيم لإغراء وخداع النساء.
ايمبوسا (Empusa ) – الإغريق - : من أنصاف الآلهة الإغريقية، ابنة الربة هيكاته، آلهة السحر ومفترق الطرق. أسمها يعني "ذات القدم الواحدة"، اشتهرت بإغوائها للرجال، تستدرجهم وتستمتع بالتهام أجسادهم وامتصاص دمائهم.
الحورية الاغريقية لاميا
لاميا (Lamia ) – الرومان - : حفيدة بوسيدن، آله البحر في الميثولوجيا الإغريقية والرومانية. بحسب الأسطورة القديمة فأن لاميا كانت ملكة ليبيا الامازيغية، ويقال بأنها دخلت في علاقة غرامية مع الإله زيوس انتهت بإنجابها عدة أطفال في السر، وقد أدت هذه العلاقة إلى غضب الربة هيرا – زوجة زيوس وأخته – فعاقبتها على علاقتها مع زوجها بقتل أطفالها أمام عينيها، الأمر الذي دفعها إلى حافة الجنون، ومنذ ذلك الحين صارت تقتل وتلتهم أطفال البشر وتمتص دمائهم.
سترجيز (Striges ) –الرومان -: سترجيز أو ستريكس تعني البومة في روما القديمة، وخلاصة القصة هي أن الربة إفروديت غضبت على حورية تدعى بوليفونتي فعاقبتها بجعلتها تغرم بدب بري، وقد أثمر هذا الغرام الشاذ عن طفلين مشوهين ورثا عن أبيهم وحشيته فأصبحا من آكلي لحوم البشر، الأمر الذي أغضب افروديت مرة أخرى فحولتهما إلى طائرا بومة، لكنهما الأخوين استمرا في مهاجمة الناس خلال الليل، وعرف عنهما ولعهما بلحوم ودماء البشر. ولهذا أصبحت البومة نذيرا للشؤم لدى الرومان.

شرب الدم بعيدا عن الأساطير

قد يظن البعض بأن شرب الدماء مقصور على الوحوش والمخلوقات الخرافية، لكن التاريخ يخبرنا بأن الممارسات المتعلقة بالدم هي غاية في القدم، فقد ذكر المؤرخون بأن مقاتلي الاسكيثيين (Scythians)، وهم شعب بدوي قديم عاش في جنوب روسيا، كانوا يشربون دم أول جندي من الأعداء يقتلونه في ساحة المعركة، كما عرف عنهم شربهم لدماء خيولهم حين يتعذر عليهم الوصول إلى الماء أثناء الحروب وحملات الغزو الطويلة، كانوا يفتحون جرحا صغيرا في عنق الجواد الذي يمتطونه ثم يمتصون الدم منه مباشرة، فيغنيهم ذلك عن شرب الماء. وقد أشار المؤرخون المسلمون إلى مثل هذه الممارسة لدى المغول أثناء اجتاحهم للشرق الأوسط في القرون الوسطى.
كاهن يحتسي الدم من عنق القربان في مهرجان الربة غاديما في نيبال
إن امتلاك قوة الخصم واستلاب روحه كان غالبا هو الدافع الرئيسي لشرب الدم، إذ كان هناك اعتقاد راسخ لدى الأقوام البدائية في أن قوة الإنسان تكمن في دمه، وربما من هنا أتت عبارة : "سأشرب من دمك"، التي تدور على لسان الناس عند الغضب والتهديد والوعيد. وبمرور الزمن امتزجت تلك المعتقدات البدائية مع الطقوس الدينية الوثنية، فأصبح أسرى الأعداء لا يذبحون في ساحة المعركة وإنما ينقلون إلى المعابد الحجرية الفخمة والضخمة لتنحر أعناقهم كقرابين عند مذبح الآلهة، ويمكن ملاحظة بقايا هذه الطقوس الدموية الوثنية في بعض بقاع العالم حتى اليوم، ففي مملكة النيبال مثلا، يقوم الهندوس لمرة واحدة كل خمسة سنوات بذبح آلاف الحيوانات في مهرجان ضخم مكرس للربة غاديما، حيث تسيل دماء الثيران الضخمة كالشلالات عند مذبح المعبد، ويقوم بعض الكهنة بامتصاص وشرب دم القرابين للحصول على رضا الآلهة. ويقال بأنه في العصور الوسطى، أي قبل صدور قانون "منع التضحية البشرية" في الهند عام 1780، كان البشر يشكلون جزءا من تلك القرابين والأضاحي المقدمة للآلهة الهندية.
في الأسفل تذبح القرابين وفي الأعلى الكهنة يحتسون الدم - كتيبة حجرية من حضارة الموشي
وإذا كنا قد خضنا في موضوع القرابين الدموية، فلا يفوتنا أن نشير هنا إلى أن الحضارات الأمريكية قبل الغزو الأسباني كانت الأعلى كعبا بين الأمم القديمة في هذا المجال، فلم تشهد امة من الأمم ذبائح بشرية كتلك التي شهدتها المعابد الحجرية المدرجة في حواضر الأزتك والمايا والانكا حيث كانت قلوب القرابين البشرية تنتزع من الأجساد الخائفة المرتجفة لتقدم لآله الشمس وهي تنبض، وذلك من أجل ديمومة دورة الحياة وحماية الكون من الانهيار، وبعد انتزاع قلوبها النابضة، كانت تلك القرابين ترمى من أعلى المعبد فيتلقفها عامة الناس في الأسفل ليلتهموا أجزاء منها، تبركا وطمعا برضا الآلهة. وفيما يخص موضوعنا، فلعل اللوحات الحجرية التي عثر عليها المنقبون في مدن حضارة الموتشي (Moche ) شمال بيرو هي المثال الأوضح على ممارسة شرب الدماء البشرية، ففي البداية كانوا ينحرون عنق القربان البشري بسكين حادة، ثم يقربون كأسا ذهبية كبيرة نحو جرحه وينتظرون حتى تمتلئ الكأس بالدم الحار لينقلوها إلى مجموعة من الكهنة الذين يقومون بشربها.
سراديب روما القديمة
في روما القديمة، أعتقد الناس أيضا بخواص الدم الخارقة، خصوصا في مجال علاج الأمراض، والطريف هو أن تلك الخواص كانت تختلف حسب قوة وشجاعة ونبل صاحبها، فأطباء ذلك الزمان مثلا كانوا يؤمنون بأن دم مصارع الحلبة (gladiator ) يمكنه شفاء مرض الصرع، لهذا كان مرضى الصرع يتزاحمون على أجساد المصارعين المحتضرين ليرشفوا الدماء من جروحهم النازفة!، ويقال بأن هذه الممارسات والمعتقدات الخرافية قادت إلى ظهور طائفة سرية أعضائها من الرجال والنساء الذين أدمنوا شرب الدم، وكانوا ينظمون حفلاتهم الدموية داخل سراديب وأنفاق مظلمة بعيدا عن أعين الناس، وقد أثارت القصص والإشاعات عن هذه الطائفة رعب واشمئزاز الرومان، فقررت روما معالجة الأمر بحزم، بثت مخبريها وجواسيسها في كل مكان لملاحقة أفراد الطائفة، كانت تلك هي أكبر وأول مطاردة في التاريخ لتصفية مصاصي الدماء. لكن بعض المؤرخين اتهموا الرومان بتلفيق قصص مصاصي الدماء من أجل التنكيل بالمسيحيين الأوائل في روما، خصوصا وأن أولئك المسيحيين المضطهدين كانوا يجتمعون في السر لممارسة طقوس دينهم الجديد والتبشير به. لكن المفارقة في الأمر، هو أن نفس الاتهام الذي وجهه الرومان للمسيحيين كاله هؤلاء بعد عدة قرون لليهود فاتهموهم باختطاف الغلمان المسيحيين وتعذيبهم من أجل استخلاص دمهم وشربه، فيما عرف تاريخيا بأسم تهمة أو تشهير الدم (Blood libel ) والذي استخدم كذريعة للتنكيل باليهود ومصادرة أملاكهم خلال العصور الوسطى.
أخيرا يجب أن نذكر بأن للدم أهمية كبرى في مجال السحر والشعوذة، فالعديد من الوصفات السحرية تتطلب الحصول على دم حيواني أو بشري، لذلك كانت تهمة شرب الدم هي من التهم الرئيسية التي كالتها محاكم التفتيش – سيئة الصيت - للساحرات خلال مطاردتهن في القرون الوسطى، وبالطبع فأن أغلب تلك التهم كانت ملفقة، لكن هذا لا يعني بأن الدم لم يكن جزءا من الممارسات السحرية، فحتى في عصرنا الحديث هناك طوائف من عبدة الشيطان، والجماعات المهووسة بمصاصي الدماء، تؤمن بقوة الدم الخارقة والسحرية ويقوم أعضاءها باحتسائه خلال حفلاتهم السرية التي قد تتضمن تقديم أضحية بشرية، وبالفعل هناك جرائم موثقة اقترفها هؤلاء ونشرت تفاصيلها وسائل الأعلام في السنوات الأخيرة.

 

البحث عن مصاص الدماء .. (2) الدم كغذاء

 
لا أظن مخلوقا نال من الشهرة والشعبية كتلك التي نالها مصاص الدماء (Vampire)، لاسيما في عصرنا الحاضر حيث حمله الأدب والفن إلى أقصى بقاع الأرض فصار وجوده لازمة ضرورية لثقافة الرعب المعاصرة وأصبح أسمه مثار جدل لا ينتهي حول حقيقة وجوده وكينونته. وقد نالت صفحات موقعنا – كـابوس - حصتها من هذا الجدل البيزنطي العقيم، وهو أمر لم يخل من فائدة، لأنه زاد من حماسنا للمضي في رحلة بحث طويلة نفتش خلالها شواهد القبور المتآكلة في الجبانات القديمة المنسية، ونحلق فيها بأجنحة الخيال فوق قمم البلقان الشاهقة حيث نشئت الأسطورة وترعرعت، ونقلب بشغف أوراق محاضر بعض اغرب جرائم الدم وأبشعها ... ذلك كله من أجل تقديم مقالة مشوقة تحوي معلومة مفيدة وحكاية فريدة تحملك معها عزيزي القارئ إلى عالم آخر حيث الدم هو الحاكم والطاغي.
 
البعض يجد في الدم غذاءا لذيذا
مصاصي دماء القرن الحادي والعشرين
قد يتساءل المرء حول سبب تميز مصاص الدماء .. ما الذي يجعله محببا إلى القلوب بهذه الصورة بالرغم من دمويته ؟. والإجابة على هذا السؤال تكمن جزئيا في الصورة الفريدة التي شكلها ورسمها ببراعة أرباب صناعة السينما العالمية لشخصية مصاص الدماء، إذ تحول بالتدريج من وحش مرعب مخيف إلى إيقونة للوسامة والجمال والإثارة الجنسية!، كما أن الغموض والضبابية المحيطة بحياته، كانت على الدوام دافعا لتطلع الناس إليه بمزيد من الفضول والاهتمام، فهو مسخ غريب حقا، يمضي نهاره حبيس المقابر، وينتفض ليلا من تابوته متسللا تحت جناح الظلام يفتش عن طرائد بشرية تمده بذلك الرحيق الأحمر الذي يبعث في جسده من جديد جذوة الحياة ونشوتها، ولا ريب  في أن هذا الأسلوب الفريد في الحياة والتغذية قد أثار العديد من التساؤلات حول حقيقة الدم وخواصه، هل يمكن حقا أن يعيش الإنسان ويحيا على تناوله وحده ؟ وما هو طعمه وكيف يا ترى هو مذاقه ؟.
الماساي يعشقون دم أبقارهم !
أسئلة حائرة تبقى من دون جواب، خصوصا هنا في الشرق حيث طال التحريم شرب الدم منذ قرون بعيدة. أما في بقاع الأرض الأخرى فقد لا يكتفي الإنسان بالسؤال فقط، وإنما قد يتمكن من التجربة والتذوق أيضا! ولديه في هذا الشأن خيارات عديدة، بإمكانه مثلا أن يرتشف حساء الدم أو أن يأكل السجق والحلوى المصنوعة منه ! وقد تطيب نفسه لاحتساء كوب من دم الماشية الممزوج بالحليب مع قبائل الماساي الأفريقية، فتلك القبائل التي بسطت سيطرتها على مساحات شاسعة من مراعي كينيا الخضراء لا تكتفي بحلب أبقارها، بل يقوم رجالها من حين لآخر بطعن واحدة من أبقارهم في الوريد بواسطة سهم أو رمح طويل ليتدفق الدم بغزارة إلى الأوعية الخشبية التي سرعان ما تشرأب أليها الأفواه المتلهفة لطعم الدم الطازج، يشربونه حينا لوحده، وتارة يمزجونه بالحليب. والرجال يفضلون احتساءه في الصباح لينعموا بقواه طيلة نهارهم، وربما سقوه للمرضى والحوامل من النساء وكذلك للأطفال، إذ يؤمن الماساي بشدة في خواص الدم الخارقة، يزعمون بأنه يمنحهم مناعة ضد الأمراض ويطيل في أعمارهم، لكنها للأسف مزاعم تفتقد إلى دليل علمي يدعمها، فمتوسط عمر الرجل من الماساي لا يتجاوز 45 عاما فقط.
لكن شرب الدم أو طهيه لا يقتصر على أفريقيا، بل يمتد لأرجاء واسعة من المعمورة، فهناك أكلات وأطعمة متنوعة تصنع من الدم أو يدخل في تركيبتها، ربما كان أشهرها هو حساء الدم (blood soup ) الذي تتم تهيئته بطرق متعددة تختلف بحسب الدم المستخدم في الوصفة، فالبعض يفضلونه مصنوعا من دم الخنزير، في حين يستطعم آخرون دم الخروف والماعز، ويحلو للسويديين استعمال دم الإوز، أما البولنديون فيحبذون دم البط.
وفي الفلبين، يستخدمون الدم في طهي نوع شهي من المرق يدعى (Dinuguan )، وهو من الوجبات اللذيذة الموصوفة عندهم، يهيئ من شرائح اللحم والأحشاء كالقلب والمعدة المطبوخة معا في مقدار معين من دم الخنزير مع القليل من الفلفل الأخضر والبهارات، وتؤكل هذه الوجبة حارة مع صحن من الأرز الأبيض.
الدم يدخل أيضا في صناعة المقانق أو ما يعرف بسجق الدم (black pudding )، وهو منتشر في أوربا وفي أجزاء من آسيا، كما يستخدم الدم في صناعة أنواع من الحلويات تباع في متاجر الصين وكوريا!.
لكن ماذا عن دم الإنسان ؟ هل هناك من يشربه أو يتناوله ؟
حساء الدم .. اتمنى ان لا تشعر بالغثيان عزيزي القارئ
نعم بالطبع، فالدم البشري النيئ وغير المطبوخ يشرب أحيانا بعد مزجه بالخمر والنبيذ الأحمر في حفلات خاصة تقيمها جماعات مهووسة بمصاصي الدماء إلى درجة التشبه بهم في كل شيء. وهناك أيضا مرض نفسي يدفع البعض لشرب الدم البشري، وقد لا يتوانى هؤلاء عن استخدام العنف لهذه الغاية، وهذه الحالة النادرة تصنف كنوع من الاختلال النفسي والاضطراب العقلي، فالمصابون بهذا المرض يعتقدون بشدة بأنهم مصاصو دماء حقيقيون، وهناك أمثلة عديدة - سنتطرق لها لاحقا - لجرائم بشعة أقترفها هؤلاء.
هل للدم طعم خاص ؟
في الحقيقة، الدم سائل يحتوي على الأملاح والمعادن والبروتين، لونه مميز وقوامه لزج وله طعم خاص، وأحسب هنا بأن معظم الناس تذوقوا طعمه من حيث لا يشعرون، فمثلا حين يعضون على شفاههم أو باطن خدودهم عن طريق الخطأ، أو حين يخلعون أحد أسنانهم أو عندما تنزف أنوفهم، فهم بذلك يشربون ويبتلعون مرغمين الدم المتدفق من أجسادهم، وأنا شخصيا أزعم، من خلال التجربة، بأن للدم مذاق خاص، فحين أجرح فمي أحيانا أحس بمذاق وطعم مميز ينبئني بأني أنزف. لا بل أن هناك أناس اعتادوا على مص الدم من كل جرح يصيبهم، ظنا منهم بأنهم بذلك يقللون من خسارتهم للدم ويستعيدون قسما منه إلى داخل أجسادهم مرة أخرى، وهو ظن واعتقاد خاطئ بالطبع، فالدم الممتص عن طريق الفم لا يعود إلى مجرى الدم وإنما يذهب إلى المعدة والجهاز الهضمي.
مرق الدم وسجقه .. وجبات عجيبة !
لكن إذا كان الدم مثله مثل أي غذاء، وهو يحتوي على المعادن والبروتين وله طعم ومذاق ... فلماذا لا يحبذ معظم الناس شربه ؟
أظن أن العامل النفسي هو السبب الرئيسي لنفور الناس وتقززهم منه، فالدم بحد ذاته لا يؤذي المعدة، لكن برغم ذلك قد يجد الإنسان الطبيعي السوي صعوبة شديدة في شربه .. فهو لا يستسيغه .. رائحته .. طعمه .. لونه .. كلها أمور تسبب له الغثيان، لا بل أن مجرد النظر أليه ورؤيته قد تؤدي إلى حدوث دوخة وإغماءة لدى بعض الناس. أضف إلى ذلك المخاطر التي يحملها الدم معه، فهو ناقل مثالي لعدد لا يستهان به من الأمراض، يحتوي على ملايين الجراثيم والفيروسات التي قد يعتبر البعض منها مميتا، كفيروس الايدز مثلا. صحيح أن معظم الأمراض الفيروسية الخطيرة لا تنتقل عن طريق الجهاز الهضمي وإنما عن طريق مجرى الدم وصولا إلى الأعضاء، لكن يجب أن لا ننسى بأن الجراثيم والفيروسات هي مخلوقات مجهريه دقيقة بإمكانها أن تجد سبيلا إلى مجرى الدم عن طريق أصغر الجروح في جدار اللثة والفم وبطانة المريء والمعدة.

كائنات مصاصة للدماء

إذا كان هناك مصاصو دماء حقيقيون وطبيعيون على هذه الأرض فهم بالتأكيد ليسوا من البشر، وإنما هم مجموعة من الحشرات والأسماك والثدييات والطيور التي تتغذى وتعتمد في ديمومة حياتها على الدم، كائنات رشيقة تتسلل خلسة لتتطفل على الأجساد الغافلة بخفة وبراعة يحسدها عليها مصاصو دماء هوليوود الخارقين؛ وإذا كانت عضة مصاص الدماء قد تؤدي إلى تحول الضحية لمصاص دماء أيضا، فأن عضات ولسعات هذه الكائنات الدموية تحمل معها أمراضا خطيرة قد تؤدي بالإنسان إلى الهلاك.
وفيما يلي نقدم لك عزيزي القارئ نبذة مختصرة عن أشهر أفراد هذه العصابة الدموية :
1 - الحشرات : هي الأبرع والأسرع من بين جميع مصاصي الدماء على الإطلاق، وهي المخلوقات الوحيدة التي لا مفر من تعرض الإنسان للسعتها لمرة واحدة على الأقل في حياته. فمن منا لا يعرف أنثى البعوض ؟ وأي منا لم يجرب لسعتها المزعجة ؟. وهي في الواقع معذورة في استباحة دمنا ! .. فهي في حاجة ماسة إليه للحصول على البروتين اللازم لتكوين بيوضها، لذلك تنتهز غفلتنا لتحط بهدوء ورشاقة على أجسادنا فتغرز أبرتها (القليمات) داخل الجلد وتفرز لعابا يمنع تخثر الدم ثم تشرع بامتصاص الدم وتنهل منه حتى تنال كفايتها، عندها تحلق مبتعدة تاركة إيانا مشغولين بالحك والهرش، فنحن كمعظم المخلوقات لدينا حساسية شديدة من لعاب البعوض، ولهذا تعتبر لسعته مزعجة ومؤلمة، لكنها ليست خطيرة بحد ذاتها، وإنما قد تساهم في نشر عدوى بعض الأمراض الخطيرة كالملاريا والحمى الصفراء.
قرادة قبل شرب الدم وبعده .. بعوضة وبرغوث
القراد (Tick ) هو نوع آخر من مصاصي الدماء، وهو بالتأكيد الأكثر جشعا وطمعا من بينها، فبإمكانه مص كمية من الدم تفوق حجمه بـ 600 مرة بفضل قدرة جسده الفائقة على التمدد كالبالون. والقراد حشرة صغيرة من فصيلة العنكبيات تنتشر بكثرة في أمريكا الشمالية وأفريقيا وقد تؤدي لسعته إلى الإصابة بمرض خطير يدعى داء لايم.
البرغوث (Flea ) كالقراد، من عشاق الدم المتيمين به، لكنه أصغر حجما، غالبا ما يحل ضيفا ثقيلا وغير مرغوب فيه على أجساد المخلوقات ذوات الدم الحار، كالإنسان والحيوانات، خصوصا القطط والكلاب والقوارض، فمه كالمنشار يستعمله في شق الجلد للوصول إلى مجرى الدم، وهو ناقل خطير للأمراض، خصوصا وباء الطاعون – الموت الأسود - الذي يساهم في نقله من الجرذان إلى الإنسان، وهو من أخطر الأوبئة التي طالما فتكت بالبشر عبر العصور، وكان سببا في إبادة ما يقارب ثلثي سكان القارة الأوربية في العصور الوسطى، بإمكانه قتل إنسان بالغ خلال 4 أيام فقط أذا لم يتلقى العلاج المناسب.
في الحقيقة عالم الحشرات يعج بمصاصي دماء محترفين يطول تعدادهم وشرح أوصافهم، كالقمل والحشرة المقبلة وذبابة الرمل وذبابة التسي تسي .. الخ، وجميع هذه الحشرات مؤذية ومزعجة وناقلة للأمراض، وهي أيضا رشيقة في غاية الدهاء، تختبئ في فراشك وبين طيات ملابسك تستمتع بامتصاص دمك من حيث لا تعلم، لذا وجب عليك الحذر منها عزيزي القارئ، والحرص باستمرار على نظافة فراشك وملبسك.
العلق .. دودة مصاصة للدماء
2 – العلق (Leech ) : ديدان برمائية تتغذى بعض أنواعها على الدم، يتراوح طولها بين 3 – 15 سنتمترا، وهي تستوطن المياه العذبة، كالأنهار والبرك والمستنقعات المنتشرة في معظم بقاع الأرض، وهي خنثية الجنس، أي لديها أعضاء جنسية أنثوية وذكرية في نفس الجسد لكنها لا تستطيع تلقيح نفسها بنفسها وإنما تحتاج إلى سائل منوي من دودة أخرى لغاية التكاثر.
لدى العلق عيون مركبة لكن حاسة البصر لديها ضعيفة جدا، وهي تعوض عن هذا النقص بالاستعانة ببعض الخلايا العصبية الشديدة الحساسية للاهتزازات لتحديد مكان طريدتها والوصول إليها والالتصاق بها بواسطة فتحتين ماصتين تقعان عند طرفي الجسم، وحالما يلتصق العلق في أي جزء من جسد الضحية فأنه ينشب ثلاثة فكوك قوية في الجلد محدثا بواسطتها جرحا ذو ثلاث شعب يفرز خلاله سوائل كيميائية معينة تقوم بترطيب الجلد وتمنع التخثر وتوسع الأوعية الدموية، وهذه السوائل تساهم معا في استمرار تدفق الدم عبر الجرح بلا توقف حتى يشبع العلق ويمتلئ جوفه فيسقط تلقائيا عن جسد ضحيته، وهذه العملية تستغرق قرابة العشرين دقيقة.
بسبب قدرته العجيبة في امتصاص الدم، جمع الإنسان ديدان العلق وأستخدمها للأغراض الطبية منذ آلاف السنين، فمعالجو الطب الشعبي يستعملون العلق لسحب وامتصاص الدم الفاسد على حد زعمهم، مما يعيد للجسم حيويته ونشاطه.
حالة موثقة لشخص برازيلي دخلة السمكة الى عضوه الذكري واجريت له عملية لأنقاذه
3 – كاندرو (Candiru ) : سمكة ضئيلة الحجم لا يتعدى طولها عدة سنتمترات .. لكنها مخيفة أكثر من دراكولا نفسه!، فهذه السمكة العجيبة لا تقوم بامتصاص الدماء من الرقبة كما يفعل مصاصي دماء هوليوود، وإنما تفضل الولوج إلى أماكن حساسة داخل أجساد الرجال والنساء السابحين في النهر لتمتص الدماء من هناك!.
الكاندرو تعيش في مياه نهر الأمازون في البرازيل، ولديها شهية كبيرة للدم، وهي تتطفل عموما على الأسماك الكبيرة، تدفع نفسها بقوة إلى داخل خياشيم الضحية ثم تنشب أسنانها وتبدأ بامتصاص الدم، لكن أحيانا وفي حالات نادرة، تدفع هذه السمكة العجيبة بجسدها الصغير إلى داخل مجرى البول في العضو الذكري للإنسان أو إلى داخل العضو التناسلي الأنثوي – المهبل - لتستقر بين طيات الأنسجة الداخلية وتمتص الدم من هناك، ويعتقد بأنها تجد طريقها إلى هناك عن طريق رائحة البول. والمشكلة والمصيبة الحقيقية لا تكمن في كيفية دخول السمكة وإنما في كيفية خروجها، فحال هذه السمكة ينطبق عليه قول المثل المصري الدارج : "هو دخول الحمام زي خروجه!"، إذ تعجز السمكة دائما عن الخروج وتبقى في داخل الجسد حتى تموت وتتعفن، وهذا الأمر يستدعي تدخلا جراحيا سريعا لإخراجها لئلا تسد مجرى البول أو تسبب التهابات خطيرة يمكن أن تؤدي إلى الموت المحتوم.
عصفور مصاص دماء !
4 – العصفور مصاص الدماء (Vampire finch ) : في جزيرة صغيرة منسية بعيدا وسط أمواج المحيط الهادي المترامي الأطراف يعيش أحد أغرب المخلوقات وأكثرها إثارة للدهشة، عصفور صغير يكاد لا يختلف بشيء عن عصافير الدوري الجميلة الوادعة التي نراها أحيانا تزقزق بالقرب من نوافذنا أو تمشط حدائقنا وباحات منازلنا بحثا عن فتات الطعام، لكن عصفورنا المدهش ليس مولعا بالخبز والحبوب، وإنما بالدم!. تصور عزيزي القارئ عصفور مصاص للدماء! .. ألا يبدو أقرب إلى طيور أفلام هتشكوك المرعبة ؟.
عصافير الدم تعيش حصريا في جزيرة الذئب (Wolf Island )، أحدى جزر أرخبيل غالاباغوس، وهي جزيرة صغيرة لا تتجاوز مساحتها 1.3 كم مربع، ذات بيئة جافة لمعظم أيام السنة، وبسبب طبيعتها الصعبة فأن العصافير التي تستوطنها لا تجد طعاما أمامها سوى البذور القليلة التي تنتجها أشجار الجزيرة، لكن هذه البذور سرعان ما تنضب وتختفي مع انتهاء موسم الأمطار القصير .. فماذا تفعل هذه العصافير البائسة لتستمر في الحياة ؟! وكيف تحتال لنجاتها في هذه البيئة الجافة ؟.
العصافير وجدت في طيور البحر حلا لمشاكلها، فالطيور البحرية تبني أعشاشها فوق الجزيرة، وقد تعلمت العصافير سرقة البيض من الأعشاش لتتغذى عليه، ولها في ذلك طريقة مدهشة، فهي تعمد أولا إلى مباغتة الطائر الحاضن للبيض فتسحب البيض من تحته خلسة وتدحرجه بعيدا عن العش، ولأن مناقيرها أضعف من أن تكسر قشرة البيض القوية، يقوم احد العصافير الذكور بدحرجة بيضة بواسطة قدميه فوق الصخور حتى تتكسر، وهكذا تتمكن العصافير من الوصول إلى محتوى البيضة الغني بالبروتين.
أما الطريقة الثانية لحصول العصافير على طعامها فهي التي أكسبتها أسمها وشهرتها، فهي تتغذى بالفعل على دماء الطيور البحرية، خصوصا طائر الأطيش، حيث تحط على ظهره وتقوم بنقر جذور الريش الكبير الموجود عند طرف جناحه حتى يتفجر منه الدم بغزارة فترتشف منه العصافير حتى تشبع، والعجيب هو أن الطائر الضحية بالكاد يبدي أية مقاومة، مما دفع ببعض العلماء إلى الاعتقاد بأن العلاقة بين العصافير وطائر الأطيش هي علاقة تبادل منفعة، حيث يسمح الطائر للعصافير بشرب القليل من دمه مقابل تخلصه من الطفيليات.
صورة لسمك لامبري والخفاش مصاص الدماء
5 – لامبري (Lamprey ) : مخلوق مائي يشبه ثعبان البحر قد يصل طوله إلى المتر، يعيش في المياه العذبة ويتميز بشكله البدائي، فمه هو أكثر ما يميزه، فهو لا يحتوي على فكوك، لكنه قمعي الشكل تكتنفه الأسنان، يستعمله اللامبري ببراعة للتعلق بأجساد الأسماك الكبيرة، وحالما يتمسك بإحكام يبدأ بنهش جلد الضحية بواسطة أسنانه الحادة وصولا إلى مجرى الدم ليمتصه.
هذا الكائن يتغذى على الأسماك ونادرا ما يهاجم البشر.
6 – الخفاش مصاص الدماء (Vampire Bat ) : هو الأكثر شبها واقترانا بمصاص الدماء الذي نشاهده في أفلام الرعب، أسلوبه  المميز في التطفل على ضحاياه يعيد إلى الأذهان بسرعة مشاهد مصاصي الدماء الذين يتسللون خلسة في الظلام ليهاجموا ضحاياهم على حين غرة ..

المستذئبون .. لغز الوحش في شيفلدان (3)


من بين كل الحكايات و الخرافات و الأساطير , تطل حكاية الوحش في شيفلدان لتتحدى الحقيقة و تتفوق حتى على الخيال , مخلفة ورائها أكثر من مئة قتيل لتثبت وجودها , و عشرات الوثائق الرسمية و ألاف الصفحات التي سطرها المؤرخون خلال مائتي عام و هم يتجادلون حول حقيقة ما جرى هناك , و لكن يبقى اللغز بدون حل , فلا مجال لإنكار ما حدث و لا سبيل لمعرفة كيف حدث.  تعال معي عزيزي القارئ لتتعرف على  واحدة من أشهر قصص المستذئبين و أكثرها غرابة.

ترك خلفه اكثر من مئة ضحية تلذذ بألتهام لحومهم

تمثال برونزي تخليدا لذكرى ضحايا وحش تشيفلدان
في احد الأيام الدافئة و المشمسة من شهر حزيران / يونيو 1764 في مقاطعة شيفلدان الفرنسية , كانت إحدى النساء الشابات ترعى مجموعة من الأبقار في مزرعة خالية من الأشجار بالقرب من الغابة , كان كل شيء حولها طبيعيا لكنها شعرت فجأة بأن هناك من يراقبها , و بأسرع من لمح البصر ظهر مخلوق غريب من بين أشجار الغابة , كان المخلوق في حجم بقرة  و لكنه كان يشبه  ذئبا ضخم الجثة , توجه مباشرة نحو الفتاة غير مكترث بالأبقار و العجول المحيطة بها و بدا ان شيئا لن يرضيه سوى فريسة بشرية , كلاب الحراسة فرت مذعورة عند رؤية الوحش , و أحست الفتاة للحظة بأن الموت قادم لا محالة , إلا انه و لحسن حظها تحركت ثيران المزرعة الهائجة لتدفع عنها هذا الوحش بقرونها و لتطرده عائدا نحو الغابة مرة أخرى , هذه كانت أول مشاهدة للوحش في المقاطعة و ستدرك المرأة الشابة عما قريب كم كانت محظوظة لبقائها على قيد الحياة بعد ان وقفت وجها لوجه مع وحش شيفلدان المرعب (The Beast of Gevaudan ).
الضحية الأولى للوحش كانت طفلة صغيرة وجدت مقتولة و قد مزق الوحش جسدها و انتزع قلبها من مكانه , و سرعان ما بدئت المزيد من الجثث الممزقة تضاف الى قائمة ضحايا الوحش , العجيب انه لم يكن يقنع الا باللحم البشري فرغم تواجد عدد كبير من الحيوانات الأليفة كالغنم و الماعز و العجول حول ضحاياه  , الذين يعمل اغلبهم كمزارعين ,  إلا ان الوحش لم يكن يعير أي اهتمام لهذه الحيوانات و لم يكن يهاجم سوى البشر لذلك شاع اعتقاد قوي بين الناس بأن هذا الوحش هو (loup-garou ) أي مستذئب باللغة الفرنسية , و اقسم الكثيرون على أنهم طعنوا الوحش او أطلقوا النار عليه إلا ان أسلحتهم كما يبدو لم يكن لها أي تأثير عليه.
في 8 تشرين الأول / أكتوبر قام صيادين بإطلاق النار من بنادقهم على الوحش عدة مرات و رأوه و هو يبتعد بخطوات واهنة عرجاء نحو الغابة فظنا إنهما قد أصاباه إصابة قاتلة و انه هرب نحو الغابة ليموت هناك , الا انه لم تمض سوى أيام قليلة حتى عاد الوحش ليهاجم و يقتل المزيد من الضحايا.
إحدى الجرائد الباريسية (The Gazette ) وصفت الوحش نقلا عن شهود عيان كالاتي :
"انه أضخم بكثير من الذئب العادي , أرجله مزودة بمخالب حادة و لون فروته اقرب الى اللون الأحمر , رأسه ضخم  و عضلاته قوية و بارزة , صدره عريض  رمادي اللون و هناك خطوط سوداء على ظهره , فمه واسع و عريض و مزود بصف متراص من الأنياب الحادة".
و مع تزايد هجمات الوحش و خصوصا على الأطفال و النساء فقد عمت موجة من الخوف و الرعب المقاطعة و تقدم سكانها بالتماس الى بلاط الملك لويس الخامس عشر لإنقاذهم من هذه الداهية التي حلت على رؤوسهم , لذلك قام الملك بإرسال قوات من جيشه الى المقاطعة بقيادة الكابتن (نقيب) دومل لقتل الوحش , و لأن السكان اخبروه بأن الوحش كان يفضل دوما مهاجمة النساء , لذلك أمر دومل بعض جنوده بارتداء زي النساء ليكونوا بمثابة الطعم لاصطياد الوحش , و بالفعل تمكن رجال دومل من إصابة الوحش عدة مرات و لكنه كان يهرب دوما الى الغابة , لكن أخيرا توقفت الهجمات لفترة من الزمن و ظن دومل بأنه تمكن من قتل الوحش لذلك عاد مع قواته الى العاصمة لكنه ما ان غادر المقاطعة حتى عاد الوحش ليهاجم السكان و ينشر الخوف بين قراهم مرة أخرى الى درجة ان السكان أصبحوا يختبئون في منازلهم بمجرد ان يسمعوا بأن احدهم قد رأى الوحش قريبا من قراهم و صار الرجال المسلحين بالبنادق يخافون ان يطلقوا النار على الوحش حتى لو كان في مرمى نيرانهم , و اقسم العديد من السكان بأنهم شاهدوا الوحش و هو ينظر اليهم من خلال نوافذ منازلهم.
و قد قامت الحكومة بوضع جائزة مالية كبيرة لكل من يقتل الوحش فتوافد المئات من الصيادين المحترفين الى المقاطعة طمعا بالمال و تم قتل عشرات الذئاب لكن كل ذلك كان بدون أي جدوى فالهجمات استمرت دون توقف و خلال صيف عام 1765 قام الوحش بقتل و التهام العديد من الأطفال في المقاطعة.
اخيرا في حزيران 1767 و بعد ان كاد السكان يهجروا قراهم و حقولهم , قام الماركيز دابسير الذي كان يقطن في الجزء الغربي من المقاطعة بجمع المئات من الصيادين و مقتفي الأثر الذين توزعوا على شكل مجموعات و قاموا بتمشيط المقاطعة شبرا شبرا , لقد كانوا مصممين هذه المرة على وضع حد لمجزرة الوحش في المقاطعة. احد المشاركين في هذه المجموعات كان اسمه "جان جيستل" و قد كان مؤمنا بأن الوحش هو في الحقيقة انسان مستذئب لذلك فقد عبأ بندقيته برصاصات مصنوعة من الفضة الخالصة بسبب الاعتقاد السائد حينها بأنها السلاح الوحيد القادر على قتل المستذئبين و حينما هاجم الوحش مجموعته قام  جيستل بإطلاق طلقتين صوب الوحش أصابت إحداهما قلبه فخر صريعا وسط دهشة و ذهول الصيادين الذين اقتربوا منه على مهل و حذر ليتأكدوا من موته , كان اغرب مخلوق وقعت أعينهم عليه و عندما قاموا بفتح بطنه وجدوا في معدته بقايا بشرية لطفلة صغيرة. و هكذا أسدل الستار على واحدة من اغرب الأحداث في تاريخ فرنسا بعد ان خلفت عشرات القتلى و استنزفت خزينة المقاطعة.
بالنسبة لجثة الوحش فتقول الوثائق التاريخية بأنه قد تم نقلها الى القصر الملكي في فرساي ليشاهدها الملك و النبلاء. لكن ماذا حدث للجثة بعد ذلك و اين هي الآن ؟ لا احد يعلم , بعض الوثائق تقول انه جرى دفنها في في قصر الفرساي و أخرى تقول بأن الجثة جرى حرقها و التخلص منها.

ما حقيقة الذي جرى في شيفلدان ؟

في الاعلى صورة للوحش كما وصفه شهود العيان تم نشرها في احدى جرائد ذلك الزمان و الى الاسفل صورة تعرض لجثة الوحش في بلاط الملك لويس الخامس عشر
في الحقيقة ان الاحداث التي جرت في مقاطعة شيفلدان جرى تحليلها و مناقشتها مرارا و قامت حولها العديد من النظريات لكن ايا منها لم تعط جوابا شافيا , هل حقا كان هناك وحش غامض يقتل الناس ام انها مجرد هجمات لذئاب عادية ضخمها الناس كعادتهم و حولوها إلى  إشاعات مرعبة ؟ فضحايا الوحش اغلبهم من الأطفال و القليل من النساء و هم من تهاجمهم الذئاب عادة.
ان جميع علماء الحيوان و المختصين بدراسة الذئاب و سلوكها يعلمون جيدا بأنها نادرا ما تهاجم البشر و انها مخلوقات خجولة تحاول دوما عدم الاحتكاك مع الإنسان , لكن هل هذا يعني عدم وقوع حوادث هاجمت الذئاب فيها البشر ؟ كلا بالطبع , هناك العديد من الحوادث و الضحايا للذئاب منذ القدم و حتى زمننا الحاضر , لكن على العموم تبقى هذه الحوادث نادرة جدا قياسا بمناطق الاحتكاك بين الذئاب و البشر و لم يحدث ان قامت الذئاب بمهاجمة و قتل هكذا عدد من الناس في فترة قصيرة كتلك التي حدثت في شيفلدان , أضف الى ذلك شهادة المئات من أهالي المقاطعة حول الوحش و حجمه و صفاته الجسدية حيث شبهوه بحجم بقرة او حصان , فحتى أضخم الذئاب في العالم لا يمكن ان تصل الى هكذا حجم , بل ان أضخم ذئب تم صيده في العصر الحديث هو ذئب تم قتله اثناء الحرب العالمية الثانية في أوكرانيا و يزن حوالي 86 كيلوغرام , اما معدل وزن الذئب الأوربي فهو 35 – 40 كيلوغرام , إحدى النظريات تقول ان الوحش كان حيوانا هجينا ناتج عن زواج الذئب مع الكلب كتلك التي تعمل غالبا في الجيش و الشرطة (Wolf-dog ) , و هذا ما يفسر لون الوحش الغريب الذي وصفه شهود العيان و كذلك عدم خوفه و خشيته من الإنسان , لكن يبقى هناك سؤال يطرح نفسه , لماذا لم يهاجم سوى البشر ؟ ففي معظم الحالات كانت هناك أغنام و ماعز و طيور داجنة في مسرح الحادثة لكن الوحش لم يكن يعيرها اي اهتمام و لم يهتم سوى بمهاجمة البشر؟
إحدى النظريات المثيرة للاهتمام و التي تدخل ضمن نطاق ما نسميه نظرية المؤامرة تتهم الدولة الفرنسية آنذاك بوقوفها وراء احداث شيفلدان , فالمقاطعة حسب الوثائق التاريخية كانت إحدى المقاطعات المتململة من دكتاتورية الملكية الفرنسية و كانت على حافة الثورة لذلك دبرت الدولة هذه الحوادث لشغل الناس و نشر الخوف بينهم و هو أمر ليس بغريب و لا جديد على الحكومات الدكتاتورية فيا طالما لفقت أجهزة الدولة القصص و الإشاعات لشغل الناس و إلهائهم عن السياسة , أضف الى ذلك إخفاء جثة الوحش و طمس أثارها حيث بدا الأمر كما لو كانوا يخفون آثار جريمتهم , لكن مما يضعف من هذه النظرية هي ان الدولة الفرنسية أرسلت قواتها مرارا للقضاء على الوحش كما انها رصدت جائزة كبيرة لمن يقتله.
نظرية أخرى تقول ان الوحش في الحقيقة هو نوع من الذئاب يقول العلماء انها انقرضت قبل ألاف السنين و تدعى (Dire Wolf ) , الا ان ما يقوض هذه النظرية هو ان هذا النوع من الذئاب يكاد يتساوى في الحجم مع أنواع الذئاب الأخرى المنتشرة في أوربا , إضافة الى صعوبة إثبات وجود أي منها في القرن الثامن عشر بعد ان انقرضت قبل الاف السنين.
و يبقى ما امن به سكان مقاطعة شيفلدان و اعتقدوا به و هو ان الوحش في الحقيقة ما هو الا مستذئب (Werewolf ) بسبب حجمه و شكله الغريب و ولعه باللحم البشري و عدم تأثير الأسلحة العادية فيه و كذلك ظهوره و اختفائه المفاجئ , لكنه إيمان و اعتقاد يرفضه العلم الحديث بشكل كامل.
و في الختام ينبغي ان نذكر انه بعد أربعين عاما ظهر في مقاطعة (Vivarais ) الفرنسية مخلوق أخر يشبه وحش شيفلدان و قام بقتل 21 ضحية خلال الفترة بين عامي 1809-1813 , و كذلك حدثت أمور مشابهة في مقاطعة (L'Indre ) بين عامي 1875-1879 , و الغريب ان جميع هذه الحوادث و من ضمنها تلك التي حدثت في شيفلدان تستمر لفترة تقارب الاربعة سنوات يختفي بعدها الوحش فجأة كما ظهر فجأة , كما ان التقارير حول هجمات من مخلوق يشبه الذئب استمرت في فرنسا حتى عام 1954.
و كما ذكرت في المقدمة , احداث شيفلدان قد تم تناولها في الكثير من القصص و الروايات و كذلك في السينما , و احد الافلام الجيدة حولها هو فيلم (Brotherhood of the Wolf) , و قد شاهدته شخصيا , و هو فيلم مثير و يحاول تقديم تفسير لما حدث عن طريق حبكة درامية ممزوجة بالخيال تشد المشاهد اليها حتى نهاية الفلم.

المستذئبون .. وثائق و اعترافات (2)


اسطورة قديمة ارتبطت بالذئب , ذلك الحيوان الغريب  الذي طالما ادخل عواءه  الليلي الخوف إلى قلوب بني البشر فربطته الأساطير و الخرافات بعالم الأشباح و الأرواح و ربما كانت لخفته في الحركة و ظهوره و اختفائه المفاجئ دورا كبيرا في إسباغ  هذه الصفات عليه.
في هذه المقالات سنعالج موضوع المستذئب بالتفصيل و سنذكر بعض اشهر الحوادث التي وردت في كتب المؤرخين عنها معتمدين دوما على الحقائق و الوثائق و التحليل العلمي و المنطقي بعيدا عن الاثارة الرخيصة القائمة على الاساطير و الخرافات.

قصص واقعية عن اشخاص اتهموا بأنهم مستذئبين

المستذئب يتحول الى حيوان متوحش يتلذذ بألتهام اللحم البشري و خصوصا لحوم الاطفال الصغار
هناك العديد من الوثائق التاريخية حول المستذئبين , بعضها لقضايا منفردة و أخرى ضمن مجموعة كبيرة من الاعترافات لأشخاص كانوا يتهمون بممارسة السحر الأسود , و هي في الغالب تصف اعترافات أخذت تحت التعذيب الشديد , و نحن هنا نتكلم عن سجون و معتقلات القرون الوسطى حيث لم يكن للبشر أي قيمة تذكر , لذلك ينظر الباحثون اليوم الى معظم هذه القضايا بأنها كيدية و غير واقعية او ربما تكون لقتلة و مجرمين حقيقيين اجبروا على الاعتراف بأنهم مستذئبين بسبب التخلف و الجهل الذي كانت المجتمعات ترزح تحته و الذي كانت الحكومات تساهم بشكل متعمد في استمراره و انتشاره.

كارنير ملتهم الاطفال:

كليز كارنير (Gilles Garnier ) هو احد أشهر و أقدم الأشخاص الذين اتهموا بأنهم مستذئبين و تمت محاكمتهم في العصور الوسطى  , و رغم اختلاف الروايات حول قصته الا انها جميعها تتفق على انه كان يعيش منعزلا في كوخ في الغابة قرب قرية دولي في فرنسا , و بسبب عزلته هذه و قلة اختلاطه بالناس فقد أطلق الأهالي عليه اسم الناسك و كان يوصف بأنه شخص كئيب المنظر و مريب النظرات و التصرفات و يعيش على الصيد من الغابة , و قد بدأت متاعب كارنير على ما يبدو بعد زواجه حيث انه اعتاد على حياة الزهد و القناعة بالطعام البسيط المتوفر و الذي يهيئه و يعده لنفسه فقط و لذلك واجه صعوبة جمة في توفير الطعام الكافي و الجيد لزوجته مما تسبب بحدوث المشاكل بينهما و التي بدأت بعدها بقليل حوادث اختفاء الأطفال الصغار في القرية بشكل غامض , كارنير نفسه بعد إلقاء القبض عليه اعترف تحت التعذيب بأنه كان يتجول في الغابة ليصطاد عندما قابل شخصا شبحيا علمه طريقة التحول الى ذئب ليتمكن من الصيد بسهولة و لكنه وجد بعد فترة بأنه بدء ينجذب بشكل لا يمكن مقاومته الى الطرائد البشرية و هكذا قام بقتل و التهام اول ضحاياه و التي كانت طفلة صغيرة في العاشرة من العمر رآها كارنير هائمة على وجهها في احد الحقول فقام بمهاجمتها و قتلها ثم نزع عنها ثيابها و بدء يلتهم بشغف أجزاء من لحم جسدها الطري حتى شبع و قام أيضا بقطع كمية من اللحم و حملها معه الى زوجته.
بعد ذلك بعدة اسابيع هاجم كارنير ضحيته الثانية و كانت طفلة صغيرة ايضا و رغم انه جرحها في عدة اماكن من جسدها الغض الا انه لم يستطع الاجهاز عليها و التهامها بسبب مرور مجموعة من المزارعين فتركها و هرب الى داخل الغابة المظلمة و استنقذ المزارعون الطفلة الا انها ماتت بعد عدة ايام بسبب جراحها البليغة , و قد اخبر المزارعون الجميع بما رأوه عن الذئب و الفتاة و انتشر الخبر كالنار في الهشيم في المقاطعة متسببا بموجة من الهستيريا و الخوف لدى السكان , و قد امر حاكم المقاطعة بالبحث عن المستذئب و قتله مقابل جائزة مالية فبدأت حملة تفتيش واسعة الا ان احدا لم يشك في الناسك كارنير و كوخه الصغير المنعزل في الغابة.
و بعد ان مرت عدة أسابيع و هدأت الامور قليلا قام كارنير بمهاجمة ضحيته التالية و هذه المرة اختار صبيا صغيرا كان يلهو قرب الغابة , اختطفه كارنير و قام بأكل أجزاء من يديه و بطنه و قطع فخذيه و أخفاهما في الغابة ليلتهمهما فيما بعد , و مع هذه الجريمة أصبح كارنير يجد صعوبة كبيرة في كبح شهوته الجامحة نحو اللحم البشري و هو مما أدى في النهاية الى الإيقاع به , فضحيته التالية كانت صبيا صغيرا كان يلهو بالقرب من القرية و لم يصبر كارنير هذه المرة حتى يكتمل تحوله الى ذئب فهاجم الصبي و هو في شكله البشري و هذه المرة ايضا صادف مرور مجموعة من المزارعين مما اجبره على ترك ضحيته و الفرار الى عمق الغابة المظلم الا ان احد المزارعين تمكن من التعرف عليه و تم القاء القبض عليه و على زوجته بسرعة و قد تم الحكم على كارنير بالحرق حيا و جرى تنفيذ الحكم فيه عام 1573.
رغم اعترافات كارنير الصريحة و الموثقة الا ان الباحثون و المؤرخون يعتقدون بأن كارنير كان في الحقيقي قاتل سادي متسلسل و ان تهمة المستذئب أضيفت الى اعترافاته المأخوذة تحت التعذيب بسبب ايمان الناس بهذه الأشياء في تلك الفترة و لتضفي على جرائمه المزيد من الوحشية و القسوة , و اخرون يرون ان كارنير رجل بريء و انه تم تسليمه للمحكمة من اجل الجائزة , الا انه و في كل الأحوال تبقى قضيته من أقدم الكتابات الموثقة التي وصلت الى أيدي الباحثين عن المستذئبين.

هانز المستذئب (Hans the Werewolf )

وثيقة اخرى عن المستذئبين وصلت الى يد الباحثين مصدرها استونيا , و هي في الحقيقة تمثل الطريقة التي كانت تتم فيها مطاردة السحرة و الساحرات في العصور الوسطى و تصف ما كان يجري في محاكم التفتيش سيئة الصيت , فبين عامي 1610 – 1650 تم حرق العشرات في استونيا بتهمة السحر و الشعوذة , و لأن إيمان شعوب البلطيق بالسحر و السحرة كان ضعيفا لذلك فقد اتهم هؤلاء الأشخاص على انهم مستذئبين و ذلك لأن تهمة المستذئبين كانت منتشرة و رائجة جدا في تلك الأصقاع.
المتهم هانز اعترف حسب وثائق المحكمة بأنه مستذئب و انه اصطاد بهيئة ذئب لمدة سنتين , و ادعى بأن شخصا يرتدي السواد علمه كيف يتحول الى ذئب و هو ما اعتبرته المحكمة وصفا للشيطان , و عندما سئله القاضي فيما اذا كانت روحه ام جسده هي التي تتحول الى ذئب أجاب هانز بأنه اكتشف في إحدى المرات اثار لأسنان كلب في قدمه حدثت نتيجة لعراك بينما كان في شكله الحيواني و هو ما يدل على ان جسده هو الذي يتحول , و في سؤال اخر استفسر القاضي منه فيما اذا كان يشعر كإنسان ام كحيوان عندما يتحول الى ذئب ؟ اجاب هانز بأنه يشعر و يتصرف كحيوان.

بيتر ستمب .. اشهر المستذئبين:

ربما تكون أوراق محاكمة بيتر ستمب (Peter Stumpp ) هي واحدة من أشهر المحاكمات التي جرت للمستذئبين , و ان كان الباحثون يشكون في نزاهتها الا أنها تبقى رغم ذلك وثيقة تصور مدى الاعتقاد و الإيمان بالمستذئبين في القرون الوسطى.
بيتر هذا كان أرملا و والدا لفتاة في الخامسة عشر و صبي لم تذكر الوثيقة عمره , و كان مزارعا غنيا و له مكانة جيدة في المجتمع , الا انه في عام 1589 تم إلقاء القبض عليه و اعترف تحت التعذيب بأنه يمارس السحر الأسود منذ سن الثامنة عشر و انه مستذئب قام لسنين عديدة بقتل و التهام العديد من الحيوانات و البشر أيضا حيث اعترف بقتل و التهام أربعة عشر طفلا بضمنهم ابنه و كذلك قام في حادثين منفصلين بقتل امرأتين كانتا حاملتين و التهامهما مع جنينيهما , كذلك اعترف بأنه مارس زنا المحارم مع ابنته.
و في اعترافاته وصف بيتر الكيفية التي يتحول بها الى ذئب حيث قال بأنه يملك حزام مصنوع من جلد الذئب أهداه اليه الشيطان و انه يتحول الى ذئب عندما يضع هذا الحزام على جسده و يعود الى طبيعته البشرية عندما ينزعه عنه.
تم الحكم على بيتر ستمب بالموت بأبشع صورة حيث تم ربطه الى دولاب خشبي و تم تعذيبه بقسوة شديدة ثم أزالوا الجلد و اللحم عن جسده و قاموا بقطع رجليه و يديه و كسروا عظامه بالفأس حتى لا يتحول الى مصاص دماء بعد قتله , و أخيرا قاموا بقتل ابنته و إحدى قريباته و حرقهما بالنار معه بعد ان قطعوا رأسه و علقوه جانبا.
الاعتقاد السائد اليوم لدى الباحثين بأن بيتر ستمب ربما كان قاتلا ساديا متسلسلا و ربما يكون أيضا رجل بريء اجبر على الاعتراف تحت التعذيب لتتم مصادرة جميع أمواله خصوصا انه تم إعدام ابنته الوحيدة أيضا.

نساء مستذئبات:

كان هناك نساء مستذئبات أيضا و قد تم توثيق محاكمات بعضهن , فمثلا (Guyetta Bugnon ) تمت محاكمتها عام 1580 و اعترفت بأنها مستذئبة و انها قامت بخطف طفلين و التهامهما , و هناك ايضا امرأة تدعى آن (Ann ) القي القبض عليها ضمن مجموعة من الرجال و النساء بتهمة ممارسة السحر الاسود و اعترفت بأنها أصبحت مستذئبة لمدة أربع سنوات قامت خلالها بقتل حصان و العديد من الحيوانات الصغيرة و انها اخفت جلد الذئب الذي كانت ترتديه تحت صخرة في الغابة.

لغز الحيوان الغامض في شيفلدان (Beast of Gévaudan )

شيفلدان هي مقاطعة زراعية واسعة تقع في جنوب فرنسا وقعت فيها حوادث غريبة و غامضة في القرن الثامن عشر لازالت إلى اليوم مدار بحث و جدل بين الباحثين و كتبت حولها العديد من الكتب و الأبحاث و استمدت منها السينما عدد من أفلام الرعب المشهورة و لأنها من أشهر الحوادث التي دارت حول المستذئبين لذلك ارتأينا ان نفرد لها جزءا خاصا بها سننشره في قادم الأيام ان شاء الله.

المستذئبون بين الحقيقة و الخرافة (1)

اسطورة قديمة ارتبطت بالذئب , ذلك الحيوان الغريب  الذي طالما ادخل عواءه  الليلي الخوف إلى قلوب بني البشر فربطته الأساطير و الخرافات بعالم الأشباح و الأرواح و ربما كانت لخفته في الحركة و ظهوره و اختفائه المفاجئ دورا كبيرا في إسباغ  هذه الصفات عليه.
في هذه المقالات سنعالج موضوع المستذئب بالتفصيل و سنذكر بعض اشهر الحوادث التي وردت في كتب المؤرخين عنها معتمدين دوما على الحقائق و الوثائق و التحليل العلمي و المنطقي بعيدا عن الاثارة الرخيصة القائمة على الاساطير و الخرافات.

هل هم اشخاص مصابين بأمراض معينة حولتهم الى مستذئبين ؟

صورة متخيلة للرجل الذئب او المستذئب كما تصوره القصص و الروايات و تجسده السينما في افلام الرعب حيث طالما ارتبطت شخصية المستذئب بالقمر
الرجل الذئب او المستذئب (Werewolf ) هو إنسان يمتلك القدرة على التحول بشكل كامل الى ذئب و يكتسب أثناء  ذلك جميع  صفات الحيوان الوحشية مع احتفاظه ببعض صفاته البشرية كالنطق مثلا و غالبا ما يتم هذا التحول في الليل و بالخصوص عندما يكون القمر بدرا مكتملا و يستمر حتى بزوغ الشمس حيث يعود المستذئب الى شكله البشري و قد اقترن هذا التحول في فلكلور الشعوب بسفك الدماء و التهام البشر و خصوصا الأطفال و النساء.
ربما تكون شخصية المستذئب هي واحدة من أقدم الأساطير التي حيكت حول العلاقة بين الإنسان و الحيوان فقد ورد ذكرها في كتابات الإغريق و الرومان و ازداد الاعتقاد و الإيمان بها في العصور الوسطى حيث كانت أوربا تعيش آنذاك عصور الخرافة و الظلام  فانتشرت قصص السحر و الجن و مصاصي الدماء و المستذئبين .. الخ و صارت جزءا لا يتجزأ من فلكلور الشعوب الأوربية لتتحول فيما بعد الى قصص و روايات استحوذت على إعجاب القراء و لتستمد منها السينما واحدة من أشهر شخصيات الرعب و التي أصبحت مصاحبة في اغلب الأحيان لشخصية الرعب الأشهر و هي شخصية مصاص الدماء (Vampire ). و هذه الروايات و الأفلام جعلت الكثير من الناس يتساءلون حول صحة هذه الأسطورة او  أصلها و مصدرها  و خاصة انها ارتبطت بالذئب , ذلك الحيوان الغريب  الذي طالما ادخل عواءه  الليلي الخوف إلى قلوب بني البشر فربطته الأساطير و الخرافات بعالم الأشباح و الأرواح و ربما كانت لخفته في الحركة و ظهوره و اختفائه المفاجئ دورا كبيرا في إسباغ  هذه الصفات عليه. و مما أثار دهشتنا أثناء بحثنا عن مصادر حول الموضوع هو ان البعض يدعي ان هناك أمراض نادرة تصيب الإنسان فتحوله الى مستذئب او مصاص دماء مستمدين آرائهم هذه من بعض النظريات الطبية , التي سنتطرق لها لاحقا , و التي تحاول شرح و تفسير أصل الأسطورة و ليس إثبات صحتها , فلا يوجد مرض في العالم يجعل المريض يتحول الى ذئب يهيم وجدا بأكل لحوم البشر , و كيف لمريض مرهق ان يتجول بخفة و سرعة في الغابات ليطارد و يقتنص فرائسه ؟!! و أي مرض هذا الذي يجعل الإنسان يكتفي بشرب الدماء ؟!! و هل يحتاج مص دماء البشر الى مرض؟ فليأتوا الى بلداننا و يروا كيف يمص البعض دمائنا جهارا نهارا و بدون أي رادع او خجل !!.
و الجدير بالذكر ان اغلب شعوب و حضارات العالم عرفت مثل هذه الأساطير المرتبطة بتحول الإنسان جسديا من شكل الى اخر , و في فلكلورنا العربي هناك الكثير من الشخصيات المشابهة لشخصية المستذئب الأوربية لعل أشهرها هي خرافة (السعلاة) او السعلوة كما تسمى باللهجات الدارجة حيث عرفها العرب في الجاهلية و بعد الإسلام و صوروها على شكل مخلوق كث الشعر مخيف الشكل و لكنها تملك القابلية على التحول الى شكل امرأة رائعة الجمال حيث تقوم بإغواء المسافرين و تنتهز الفرصة لقتلهم و أكلهم و لها أخبار كثيرة في كتب المؤرخون العرب. كما عرف الهنود الحمر أسطورة الرجل الذئب و اشتهرت في فلكلور القبائل المنتشرة بشكل خاص في أمريكا الشمالية.

صفات المستذئب:

كان الناس يعتقدون بأن للمستذئب صفات معينة يمكنهم عن طريقها التعرف عليه , منها ان تكون حواجبه معقودة فوق الأنف و تكون أظافره حادة و مخلبية الشكل و ان تكون مشيته غريبة تتميز بخطوات متباعدة و متسرعة , و من العلامات الأخرى هي الشعر الأحمر و وجود شعر في باطن الكف و كذلك ظهور علامات الاهتياج الشديد عند رؤيته لشرائح اللحم النيئ , و من الطرق المشهورة في كشف المستذئب أو المتهم بذلك , هي أن يقوموا بعمل جرح عميق في جسم المتهم و ينظروا الى ما تحت الجلد فإذا ظهر فرو أو شعر اسود تيقنوا بأن المتهم هو مستذئب حقيقي , و كانوا يشكون على وجه الخصوص بالأشخاص المولودون في الـ 25 من ديسمبر و كذلك بأولئك الذين يكون ترتيبهم السابع من بين الأطفال في العائلة.
أما  العلامات المميزة لمعرفة الرجل الذئب عندما يكون متقمصا لشكله الحيواني فهي عدم وجود الذيل و إصدار أصوات هي اقرب الى صوت البشر كما إن عيونه تكون أشبه بعيون البشر منها الى عيون الذئاب و عند عودته الى شكله الإنساني مرة أخرى فأنه يشعر بتعب و إرهاق شديد.
و بالنسبة لغذاء المستذئب فهو يصطاد و يلتهم الحيوانات البرية و كذلك اللحم البشري و خاصة لحوم الأطفال الصغار و النساء و أحيانا لحوم الجثث المدفونة في المقابر.
و هناك اعتقاد بأن جثة المستذئب يجب ان تحرق و لا تدفن لأن الدفن سيحولها الى مصاص دماء.

كيف يصبح الشخص مستذئبا ؟

هناك عدة طرق للتحول الى مستذئب , ربما يكون أشهرها , هي التعرض للعض من قبل مستذئب أخر و التي شاعت عبر الروايات و الافلام الحديثة التي تناولت شخصية الرجل الذئب و هي في الحقيقة لم تكن ضمن الاسطورة القديمة عن المستذئب و انما اضيفت اليها في بدايات القرن المنصرم , و هناك طرق أخرى ذكرت في فلكلور الشعوب , من ابسطها هي ان يتعرى الشخص المراد تحويله و يقوم بربط حزام  جلدي عريض من فرو الذئاب على جسمه , و من الطرق الأخرى هي شرب الماء المتجمع في الحفر الصغيرة لأثار أقدام الذئاب او شرب الماء من مصدر تستخدمه الذئاب عادة للشرب.
و ذكرت بعض المصادر القديمة بأن نوم الشخص في الهواء الطلق في ليلة من ليالي الصيف يكون القمر فيها بدرا مكتملا و تعريض وجهه لضوئه لمدة طويلة يمكن أن يحوله الى مستذئب.
و هناك وصفات سحرية ذكرت في بعض كتب السحر لتحويل الإنسان الى مستذئب تعتمد على الأعشاب و على القيام بأمور سحرية معينة , إلا ان الفكرة العامة هي ان الشخص المراد تحويله يجب ان تكون لديه القابلية للتحول الى مستذئب بالفطرة عن طريق مجموعة من المواصفات التي يجب ان تتوفر فيه , من أشهرها , ان يكون من  الأشخاص المولودون في الـ 25 من ديسمبر او  من الأطفال الذين يكون ترتيبهم السابع بين أخوتهم و أخواتهم , حيث انه وفقا للمعتقدات السائدة آنذاك تتحول الفتاة الى ساحرة و الصبي الى مستذئب , كما ان الأطفال المولودون مع ظهور قمر جديد او المصابون بالصرع هم الأقرب الى ان يكونوا مستذئبين عند البلوغ.
و من الناحية الدينية كان ينظر الى المستذئبين على انهم أشخاص تعرضوا الى اللعنة الإلهية نتيجة لآثام كبيرة اقترفوها في حياتهم و أنهم من صنائع الشيطان و وسائله لبث الرعب و الخوف في نفوس البشر.

حقيقة ام خيال ؟

هناك الكثير من الأمور في هذا العالم التي ينظر إليها على إنها مجرد أساطير و خرافات لا أساس لها من الصحة و لكن العلم الحديث بدء يفكر جديا في دراستها , ليس لإثبات صحتها بالطبع , و لكن لمعرفة المصدر الحقيقي لنشوء هذه الأسطورة او الخرافة و العوامل التي ساعدت على انتشارها و ترسيخ الاعتقاد بها.
الاستنتاج السائد بين الباحثين و العلماء اليوم هو ان الشخصيات الأسطورية المرعبة هي انعكاس لواقع مرعب عاشه الإنسان من دون ان يجد تفسيرا منطقيا له او يتمكن من التثبت من طريقة حدوثه , فمثلا في حالات جرائم القتل المتسلسلة و حوادث أكل لحوم البشر و انتهاك حرمة القبور و الموتى و الجثث المجهولة التي تم العبث بها و تقطيع أجزائها و التي ترمى أحيانا على قارعة الطريق , كل هذه الحوادث لم يكن الانسان يجد تفسيرا منطقيا لها في العصور الوسطى التي كان يسودها التخلف و الجهل و كان الإنسان فيها يرتاب بكل شيء حوله بسبب الحياة القاسية التي كان يعيشها و المليئة بالحروب و مناظر الموت و الدم و النهب و السلب , فعلى سبيل المثال كان الإنسان في تلك الأزمان ينظر الى الأمراض على انها شكل من أشكال المس الشيطاني و يفسر النكبات التي تحل به كالأوبئة او المجاعات على انها عقاب الهي , و بالطبع هكذا عقلية عندما تتعامل مع مريض نفسي , على سبيل المثال , يتحول الى قاتل متسلسل و يقوم بعدة جرائم قتل متوحشة يمارس فيها ساديته و عقده , لا يمكنه إلا ان يفسر الأمر على ان هذا الشخص هو  شخص غير طبيعي و يمتلك قوى سحرية شريرة خارقة , فاختفاء عدة أشخاص من قرية واحدة و اكتشاف جثثهم بعد مدة و قد تم التمثيل بها سيتم ربطه مباشرة مع مصاصي الدماء و المستذئبين و الغول و الجن و الأشباح .. الخ , و لا ننسى اننا نتكلم عن عصور لم يكن يتواجد فيها محققين شرطة و مختبرات للأدلة الجنائية و أجهزة أمنية متطورة و مدربة , بل انه في أحسن الأحوال لم يكن هناك سوى شخص واحد لتمثيل الدولة و هو في الغالب الأعم إنسان امي و جاهل لا يقل إيمانا بالخرافات عن الآخرين و لا هم له سوى جمع الضرائب و المكوس للإقطاعي او الملك.
و في ذلك العالم الموحش و المظلم ظهرت معظم الأساطير المرعبة التي نتداولها اليوم و ارتبط اغلبها مع الليل , ففي ذلك الزمان لم يكن هناك مصابيح إضاءة كالمتوفرة اليوم و لا أجهزة ترفيه كالحاسوب و التلفزيون , فكان الليل طويلا و مظلما , و لهذا نلاحظ ارتباط اغلب الشخصيات المرعبة بالليل و الظلام و بمخلوقات ليلية كالخفافيش و الذئاب.
الى اليمين صورة لمريض مصاب بمرض البروفيريا (Porphyria ) و الى اليسار صورة لمريض مصاب بمرض (Hypertrichosis ) , حيث يعتقد بعض الباحثين ان هذه الامراض هي المصدر الحقيقي لنشوء اسطورة المستذئب
من التفسيرات العلمية لأسطورة المستذئبين هي وجهة نظر طبية , حيث ان بعض الأطباء و المختصين في تاريخ الأمراض  يعودون بشخصية المستذئب الى عوامل مرضية , فبعض الأمراض النادرة مثل مرض البروفيريا (Porphyria ) تصاحب بعض أنواعه أعراض مثل الالتهابات الجلدية و ازدياد الشعر في مناطق معينة من الجسم و احمرار الأسنان و التحسس الشديد للتعرض الى أشعة الشمس و قد يؤدي بالمريض الى اختلالات نفسية حادة , لهذا يعتقد بعض الباحثين بأن الكتابات التاريخية عن المستذئبين هي في الحقيقة وصف لمرضى مصابين بهذا المرض النادر , الا ان هذه النظرية تعرضت الى انتقادات حادة منها ان الأوصاف التي ذكرها المؤرخون تصف تحول الإنسان الى ذئب متكامل الشكل و القوام  و ليس مجرد أعراض لمرض جلدي معروف و مشخص منذ القدم , كما ان البعض يبالغ جدا في وصف أعراض هذا المرض كما فراءت ذلك شخصيا في عدة مواقع عربية و بدون أي احترام لمشاعر المصابين بالمرض , و منها ان المريض يتحول الى مجنون كليا و يتقمص شخصية الذئب و يأكل اللحم النيئ و يبدأ بالعويل عند اكتمال القمر!! .
هناك مجموعة اخرى من الباحثين يعتقدون بأن مصدر أسطورة المستذئب هو مرض (Hypertrichosis ) و هو نمو كثيف و غير طبيعي للشعر على جسم الإنسان و قد يصيب كلا الجنسين و ينتج عنه اكتساء أجزاء من الوجه و الجسم بطبقة كثيفة من الشعر بحيث يصبح اقرب الى فرو الحيوانات , و لكن الندرة الشديدة لهذا المرض جعلت الباحثون يشككون في ان يكون مصدر أسطورة المستذئب و التي ذكرت بأعداد كبيرة في العصور الوسطى.
و هناك ايضا أمراض أخرى حاول العلماء ربطها مع خرافة الرجل الذئب لكنها تبقى مجرد نظريات ليس بالإمكان إثباتها بشكل كامل.
و رغم جميع النظريات و الأبحاث يبقى هناك الكثير من الناس يتسألون , هل هناك حقا مستذئبين ؟ هل هناك مصاصو دماء ؟ هل هناك غول و سعلاة و تنين ؟ المعتقدون بالسحر و الغيبيات يؤكدون وجود هذه المخلوقات اما العلماء و الباحثون و المثقفون عموما فيضحكون و يسخرون عند سماع هذه الأسماء.  الا ان هذه الدنيا تفاجئنا دوما بأحداث و قصص قد لا نتخيلها و أمور قد لا يستطيع العلم تفسيرها , و يبقى الإنسان نفسه هو لغز الألغاز فالمستذئبون و مصاصو الدماء قد يكونوا مخيفين و يقومون بأعمال وحشية تجعل فرائص الشجعان ترتعد خوفا و هلعا الا أنهم مهما بلغوا من الإسراف في القتل و سفك الدماء فأنهم لن يصلوا الى مدى الوحشية التي يتمتع بها البعض من بنو البشر , فعلى مر العصور جرت معارك و مجازر تم أبادت الآلاف خلالها في أيام و ساعات قلائل و بقسوة منقطعة النظير و هذا ما لا يستطيع  أي مستذئب او مصاص دماء القيام به.