vendredi 30 novembre 2012

احداث كبرى و لعنة الفراعنة


اللعنة هي شكل من أشكال النحس، فالملعون منحوس، يستمر نحسه ما بقيت اللعنة تطارده. ونحن في هذه السلسلة من المقالات التي تدور حول حقيقة النحس وماهية الحظ قررنا أن نطرق هذا الباب لنتعرف على أشهر اللعنات ومدى إيمان الناس بها. سنبدأ مع لعنة الفراعنة الشهيرة، سنحدثكم عنها بعيدا عن أسلوب الإثارة الرخيصة والاستنتاجات المسبقة، محاولين أن نضيف إلى الموضوع شيئا جديدا ومعلومات مفيدة لكي لا تكون مجرد ترجمة ونقل من دون معنى. راجين أن تنال هذه السلسلة إعجابكم وعنايتكم لأننا بصراحة لسنا من هواة المقالات المتسلسلة .. إذ سرعان ما يتسلل الضجر إلى نفوسنا المتعبة.

عام 1922 كان عاما استثنائيا لا ينسى في عالم الآثار المصرية، ففي تلك السنة توصل المنقب البريطاني هاورد كارتر إلى اكتشاف قبر الفرعون توت عنخ آمون بعد سنوات طويلة ومضنية من البحث والتنقيب في وادي الملوك بالأقصر، وبعد أن كاد اليأس يتسلل إلى قلبه وقلب مموليه. وأهمية هذا الاكتشاف لا تنبع من شخصية صاحب القبر، أي الفرعون توت، ذلك الفرعون الشاب الذي توج حاكما مطلقا لمصر وهو لم يزل طفلا في التاسعة من عمره، ولم يمتد حكمه سوى لسنوات معدودة، إذ وافته المنية قبل بلوغه عامه التاسع عشر، فلم يكن عهده ذو أهمية بالغة في تاريخ مصر القديمة كما هو الحال مع عهد والده المثير للجدل الفرعون أخناتون الذي هز أركان عصره بتغييره لدين وعاصمة الدولة.
جانب من بذخ كنز الفرعون توت
لكن على الرغم من أن الفرعون توت لم يكن فرعونا عظيما على وزن رمسيس الثاني وتحتمس الثالث، إلا إن أهمية قبره تكمن في حقيقة كونه أول قبر ملكي فرعوني تنجو كنوزه بالكامل من سرقة وعبث لصوص المقابر. وقد كانت تلك الكنوز من الروعة والبهاء والبذخ والجمال بحيث خطفت أبصار وأنفاس الناس حول العالم وتحولت سريعا إلى مادة دسمة للكثير من القصص والحكايات والأساطير، أشهرها تلك التي تحدثت عن لعنة غريبة وغامضة أصابت وطاردت العديد ممن ساهموا وشاركوا في فتح قبر الفرعون الشاب.
كارتر داخل القبر مع ناووس الفرعون .........
ويقال بأن تلك اللعنة المميتة ابتدأت منذ أن خطى كارتر بقدمه لأول مرة إلى داخل القبر، منذ أن مر بجسده تحت تلك العبارة الهيروغليفية المخيفة التي نقشت فوق مدخل القبر والتي تقول .. "سيأتي الموت على أجنحة رشيقة لكل من يقلق راحة الملك" .. وهي عبارة ربما لم يأخذها كارتر وزملاءه على محمل الجد، لكنهم ومن حيث لا يعلمون كانوا قد أطلقوا العنان للعنة شريرة عمرها عشرات القرون، فالمصريون القدماء كانوا أساتذة في السحر، خصوصا الكهنة، وقد أتى على ذكر براعتهم وحذاقتهم وخفة يدهم في فنون السحر جميع من زاروا مصر القديمة من المؤرخين والرحالة والغزاة.
مومياء الفرعون توت
بالطبع هناك أناس لا يأخذون هذا الكلام على محمل الجد، وقد لا يحسبونه سوى من الخرافات والأساطير، متناسين بأن أرض مصر الفرعونية كانت أصلا أرضا للأساطير الحية التي أعيا حلها العلماء حتى يومنا هذا، فالعلماء مثلا يقولون بأن الفراعنة شيدوا الأهرامات بطريقة المدرجات الترابية وباستعمال الأزاميل النحاسية والرافعات الخشبية، لكن أولئك العلماء أنفسهم يجدون صعوبة في تصديق هذه النظرية، فكيف لرافعة خشبية أن تحمل حجرا يزن عشرات الأطنان لتضعه في مكانه بالضبط بحيث يتراص مع الأحجار التي بجواره بدقة لا تترك المجال لدخول إبرة؟!. بعض المؤرخين العرب كانت لهم نظرية أخرى في كيفية تشييد الأهرامات، قالوا بأن الفراعنة كانوا ينقلون تلك الأحجار العظيمة إلى أعلى الهرم بواسطة السحر، كان الكاهن يشير إلى الحجر بعصاه فيحلق في الهواء كالريشة ليحط في مكانه بالضبط!. وقد ذهب بعض الباحثين في مجال الخوارق أمثال السويسري فون دانكين في كتابه الشهير "عربات الآلهة" إلى نظرية مفادها أن الفراعنة شيدوا الأهرامات بواسطة تكنولوجيا متطورة حصلوا عليها من مخلوقات فضائية.
ناووس الفرعون توت .. لاحظ الكوبرا الملكية اعلى التاج ..
ومع وجود كل هذه الألغاز والغرائب في أرض مصر، فلماذا لا تكون قصة اللعنة حقيقية أيضا. ففي نفس ذلك المساء الذي جرى فيه فتح قبر الفرعون، تسللت أفعى كوبرا ملكية إلى غرفة نوم هاورد كارتر والتهمت عصفور الكناري المحبب لديه والذي كان محبوسا داخل قفص في منزله المشيد على أحد التلال القريبة من موقع التنقيب. وقد أثارت هذه الحادثة دهشة الجميع، حتى كارتر نفسه تعجب منها، ليس فقط لتزامنها مع دخوله القبر للمرة الأولى، لكن لدلالتها أيضا، فالمعروف أن الكوبرا الملكية كانت حارسة الفرعون ودائما ما تزين تاجه، فهل كانت هذه بمثابة رسالة تحذير لكارتر؟.
المصادفات الغريبة لم تقف عند هذا الحد، فبعد فترة على حادثة الكناري شاهد كارتر حيوان أبن آوى يحوم بالقرب من قبر الفرعون توت، وقد أثار ذلك استغرابه بشدة، فخلال 35 عاما من عمله في البراري والصحاري المصرية لم تقع عيناه قط على حيوان أبن آوى. والمعروف أن لأبن آوى دلالة كبيرة لدى الفراعنة، فهو تجسيد الإله أنوبيس، إله الموتى لدى قدماء الفراعنة. فهل كان ظهوره إيذانا بالموت الذي سيطارد العديد من الأشخاص الذين شاركوا وساهموا في انتهاك حرمة قبر الفرعون؟.
اللورد كارنافون
أول وأشهر ضحايا اللعنة كان اللورد كارنافون، الرجل الذي مول بعثة كارتر لسنوات وشارك في فتح القبر. إذ لم تمض سوى شهور قليلة حتى فارق الحياة لسبب تافه وغريب، قرصته بعوضة على وجنته أثناء نومه، وفي صباح اليوم التالي جرح اللورد مكان القرصة بالموس أثناء حلاقة لحيته، وهو الأمر الذي أدى إلى تلوث وتسمم الجرح ليلفظ اللورد كارنافون أنفاسه الأخيرة بعد أيام قليلة فقط في غرفته بأحد فنادق القاهرة، ويقال بأن التيار الكهربائي أنطفأ بصورة غامضة في جميع أنحاء القاهرة خلال الدقائق التي لفظ فيها كارتر أنفاسه الأخيرة، وبأن كلبه المدلل في قصره بانجلترا صرخ فجأة ثم سقط ميتا. ولعل أعجب ما في الأمر هو التطابق المثير للدهشة بين طريقة موت اللورد وبين نص اللعنة الذي يقول بأن الموت سيأتي على "أجنحة رشيقة" لكل من يقلق راحة الملك .. وهل هناك أرشق وأخف من جناح البعوضة؟!. ولا تنتهي الغرابة هنا، فبعد أقل من سنة على موت اللورد مات شقيقه مسموما هو الآخر، وبعد بضعة سنوات مات شقيقهما الآخر بنفس الطريق تقريبا!! .. أما أغرب ما في القصة بأسرها فيتمثل في وجود أثر لجرح صغير على وجنة مومياء الفرعون توت في نفس المكان بالضبط الذي تعرض فيه اللورد كارنافون لقرصة البعوضة!!!.
الموت لاحق الكثيرين ممن دنسوا القبر ..
حادث موت اللورد كارنافون يعتبر الأشهر في سلسلة الحوادث الغريبة التي أدت لاحقا إلى موت العديد من أفراد بعثة كارتر، من الأجانب والمصريين، فبعض المصادر تشير إلى أن عدد ضحايا اللعنة بلغ أربعين رجلا مات أغلبهم في حوادث غامضة وأقدم بعضهم على الانتحار. وهناك أيضا من يربط بين الموت المفاجئ لعدد من مدراء المتاحف الأوربية والأمريكية وبين عرض مومياء الفرعون توت في تلك المتاحف خلال جولاتها العالمية.
أما بعيدا عن التهويل والإثارة، فأن السجلات الرسمية تعطينا أرقاما أخرى لعدد حوادث الموت المرتبطة بالفرعون توت، فهي لا تشير سوى إلى موت ثمانية أشخاص من أفراد بعثة كارتر خلال السنوات العشر التالية لاكتشاف القبر، ماتوا لأسباب مختلفة، مرضا وقتلا وانتحارا. هاورد كارتر نفسه لم يمت إلا بعد 16 عاما على اكتشاف القبر. وهو الأمر الذي دفع المشككين بقصة اللعنة إلى اعتبارها مجرد خرافة لا أساس لها من الصحة، أما المؤمنين فيقولون بأنها حقيقية متحججين بموت اللورد كارنافون الغريب، فاللورد كان الشخص الأكثر أهمية في بعثة كارتر، بل أهم من كارتر نفسه، فلولا تمويله لبعثة كارتر لما استطاع هذا الأخير أن يكتشف القبر أبدا.

التايتنك ولعنة الفراعنة:

هل غرقت التايتنك بسبب لعنة الفراعنة ؟
يقال بأن التايتنك .. تلك السفينة الجبارة التي قال عنها قبطانها متباهيا لحظة نزولها إلى الماء بأن : "الله نفسه لن يستطيع إغراقها"! .. يقال بأنها كانت تحمل على متنها مومياء مصرية ساعة حلت بها النكبة واصطدمت بجبل الجليد في عرض المحيط الأطلسي. تلك المومياء كانت تعود إلى كاهنة مصرية عظيمة الشأن في عهد الفرعون اخناتون. كانت المومياء ملكا للورد سنترفيل الذي كان عازما على إرسالها إلى أحد متاحف نيويورك، ولم يجد طبعا وسيلة أكثر أمنا من التايتنك ليرسل هكذا مومياء نفيسة على متنها. ربما أيمانا منه بمقولة قبطانها بأنه غير قابلة للغرق. لكن على غير ما توقع اللورد والقبطان، فأن التايتنك العظيمة والمهيبة غرقت خلال ساعات قليلة فقط أثناء رحلتها الأولى! .. فهل أصيبت التايتانك بلعنة الفراعنة؟.

المأمون والهرم الأكبر:

الاهرامات .. سحر الماضي والحاضر ..
لقرون طويلة ظلت أهرمات الجيزة تثير حيرة وفضول جميع من زاروا مصر، وكيف لا يثير هذا البناء العظيم أعجاب أي شخص ويلهب فضوله لمعرفة ما يشتمل عليه من أسرار وكوامن. لاسيما وأن أهل مصر تعلموا بالتجربة بأن الفراعنة كانوا يدفنون كنوزهم مع موتاهم. وهكذا أصبحت تلك الخبايا الفرعونية النفيسة صيدا ومطلبا وغرضا للصوص المقابر الذين ساهموا على مدار آلاف السنين في تدمير معظم الآثار المصرية للآسف. إضافة طبعا إلى التدمير الحاصل بسبب استخدام أحجار الأهرام والمعابد الفرعونية في بناء المدن والأسوار والقلاع الجديدة في طول مصر وعرضها خلال الحقب التاريخية المختلفة. فبعض الرحالة القدماء ذكروا في كتبهم بأن الجيزة كانت مليئة بالأهرام الصغار التي كانت تتناثر حول وإلى جوار الأهرامات الكبيرة، لكنها اختفت على يد الحجارين الذين استسهلوا استعمال أحجارها الجاهزة عوضا عن اقتلاع وجلب الحجر من المقالع. ولولا عظمة الأهرامات الثلاثة واستعصاءها على معاول وأزاميل السراق والمخربين لزالت هي الأخرى مع ما زال وخرب من آثار مصر وعجائبها.
أهرام الجيزة ظلت عصية على الطامعين والباحثين والداخلين إلى جوفها حتى قدم الخليفة العباسي المأمون إلى مصر في عام 217 هـ لإخماد ثورة المصريين الذين أرهقتهم الضرائب الفادحة وأغضبهم جور الولاة وتعسفهم. وسرعان ما أثار الهرم فضول المأمون وسحر خياله إلى أقصى درجة، فالخليفة كان معروفا بحبه للعلم والاكتشاف، وقد زاد من فضوله ما سمعه من عامة الناس في مصر من قصص وأساطير حول  الكنوز والنفائس المخبأة داخل الهرم، فعقد العزم على قيادة حملة كبيرة لاكتشاف خبايا وأسرار هذا الصرح الحجري العظيم. ودعوني هنا أقتبس لكم من كتاب الأستاذ راجي عنايت الموسوم "الهرم وسر قواه الخارقة" من أجل تتبع مسار الحملة وما توصلت إليه في النهاية، حيث كتب يقول :
النفق الذي حفره رجال المأمون في الهرم
"وفي عام 820 ميلادية ، وصل إلى علم الخليفة المأمون نبأ وجود كنوز عظيمة ومحتويات لا تقدر بثمن مدفونة داخل الهرم ، فنظم المأمون حملة تضم المهندسين والمعماريين والبنائيين ونحاتي الأحجار. تواصل بحث الحملة لأيام طويلة عن مدخل للهرم على امتداد جوانبه الملساء. وعندما فشلت الحملة في العثور على مثل هذا المدخل قررت أن تحفر مباشرة في الأحجار الصخرية التي تشكل جسم الهرم. لكن المطارق والأزاميل لم تنجح في خدش البناء المنيع. ولم ترض الحملة بهذه الهزيمة ، فعمدوا إلى تسخين جانب من أحجار الهرم حتى توهجت احمرارا ثم صبوا عليها الخل البارد حتى نجحوا في إحداث شق في الأحجار ثم استخدموا آلة الكبش ، وهي آلة حربية قديمة كانت تستخدم في هدم الأسوار ، وقد نجحت هذه الآلة في تكسير الأحجار التي كانت مقاومتها قد ضعفت".
ويمضي الكتاب ليحدثنا عن دخول رجال المأمون إلى الهرم وعن المجهود الخارق والمخيف الذي بذلوه داخل الممرات والدهاليز المظلمة التي لم تطأها قدم إنسان منذ آلاف السنين (وقد أعرضنا عن ذكر ذلك خشية التطويل والإسهاب) حتى وصلوا في نهاية المطاف إلى حجرة الدفن الرئيسية، وهنا دعونا نعود مرة أخرى إلى الأستاذ عنايت ليصف لنا ما عثرت عليه الحملة في تلك الحجرة الغامضة :
صورة توضح الممرات والغرف داخل الهرم
"وجد رجال المأمون أنفسهم داخل حجرة كبيرة حوائطها وأرضها مصنوعة من الحجر الجرانيتي الأحمر المصقول. كان طول الحجرة 34 قدما وعرضها 17 قدما وارتفاعها 19 قدما وهي الحجرة التي تعرف حاليا بأسم حجرة الملك. أخذ الرجال يبحثون بجنون في أرجاء الحجرة عن الكنز الذي جاءوا من اجله ، فوجدوا الحجرة لا تضم سوى تابوت مصقول بمهارة من حجر الجرانيت البني الداكن. ويقال أن المأمون ، خوفا من ثورة رجاله من أفراد الحملة ، قد أوعز إلى احدهم أن يضع بعض القطع الذهبية في إحدى الحجرات ، بحيث يكتشفها أفراد الحملة أثناء بحثهم ، فتكون بمثابة التعويض لهم عن جهدهم إذا لم يسفر التنقيب داخل الهرم عن شيء. على كل حال كانت هذه هي نهاية أول محاولة لاكتشاف سر الهرم". 
صورة توضح مداخل الهرم .. الذي يستعمله الناس اليوم هو مدخل المأمون
حملة المأمون الاستكشافية عادت خالية الوفاض، لكن منذ ذلك الحين ظل المدخل الذي فتحه رجال المأمون في جسم الهرم هو المدخل الرئيسي المستخدم من قبل المستطرقين والزوار والسياح لدخول الهرم حتى يومنا هذا، وهو بالطبع ليس المدخل الأصلي الذي صممه مهندسو الهرم القدماء، لكنه يعترض المدخل الأصلي اتفاقا ويسير معه، وهو أسهل للوصول وأيسر للدخول والخروج. وقد ذكره الرحالة عبد اللطيف البغدادي في رحلته إلى مصر عام 595 هـ فقال : "وفي أحد هذين الهرمين مدخل يلجه الناس يفضي بهم إلى مسالك ضيقة وأسراب متنافذة وآبار ومهالك وغير ذلك مما يحكيه من يلجه ويتوغله ، فأن ناسا كثيرين لهم غرام به وتخيل فيه فيوغلون في أعماقه ولابد أن ينتهوا إلى ما يعجزون عن سلوكه ، وأما المسلوك فيه المطروق كثيرا فزلاقه تفضي إلى أعلاه فيوجد فيه بيت مربع فيه ناووس من حجر ، وهذا المدخل ليس هو المتخذ له في أصل البناء وإنما هو منقوب نقبا صودف اتفاقا ، وذكر أن المأمون هو الذي فتحه".
طيب قد تسأل عزيزي الكاتب ما علاقة كل ما ذكرناه أعلاه بلعنة الفراعنة ؟.
والجواب يكمن في وفاة الخليفة المأمون، المكتشف الأول للهرم، وهو أمر أثار دهشتي وجلب انتباهي بالرغم من أني لم اسمع أحدا قد تطرق لهذا الموضوع سابقا عند حديثه عن لعنة الفراعنة، فالمأمون كان قد دخل الهرم مع رجاله عام 217 هـ ولم يعش بعد ذلك سوى لأقل من سنة، فقد مات عام 218 هـ بصورة لا تقل غرابة عن موت اللورد كارنافون.
يقول الطبري في وفاته :
"ذكر عن سعيد العلاف القارئ قال أرسل إلي المأمون وهو ببلاد الروم (تركيا) وكان دخلها من طرسوس يوم الأربعاء لثلاث عشرة بقيت من جمادى الآخرة فحملت إليه وهو في البدندون (نهر) فكان يستقرئني فدعاني يوما فجئت فوجدته جالسا على شتاطئ البدندون وأبو إسحاق المعتصم جالس عن يمينه فأمرني فجلست نحوه منه فإذا هو وأبو إسحاق مدليان أرجلهما في ماء البدندون فقال يا سعيد دل رجليك في هذا الماء وذقه فهل رأيت ماء قط أشد بردا ولا أعذب ولا أصفى صفاء منه ففعلت وقلت يا أمير المؤمنين ما رأيت مثل هذا قط قال أي شيء يطيب أن يؤكل ويشرب هذا الماء عليه فقلت أمير المؤمنين أعلم فقال رطب الآزاذ فبينا هو يقول هذا إذا سمع وقع لجم البريد فالتفت فنظر فإذا بغال من بغال البريد على أعجازها حقائب فيه الألطاف فقال لخادم له اذهب فانظر هل في هذه الألطاف رطب فانظره فإذا كان آزاد فأت به فجاء يسعى بسلتين فيهما رطب آزاد كأنما جني من النخل تلك الساعة فأظهر شكرا لله تعالى وكثر تعجبنا منه فقال ادن فكل فأكل هو وأبو إسحاق وأكلت معهما وشربنا جميعا من ذلك الماء فما قام منا أحد إلا وهو محموم فكانت منية المأمون من تلك العلة ولم يزل المعتصم عليلا حتى دخل العراق ولم أزل عليلا حتى كان قريبا".
اللعنات كانت توضع لحراسة قبور الشخصيات المهمة
طبعا قد يقول قائل بأن اللعنة ترتبط بالمومياءات وليس بالقبور .. هذا صحيح .. لكن الفراعنة لم يعلقوا لعناتهم على صدور مومياءاتهم وإنما نقشوها على جدران المقابر التي ضمت أجساد تلك المومياءات، والهرم كما نعلم جميعا كان مقدرا له أن يكون قبرا للفرعون خوفو، بغض النظر عن حقيقة دفنه فيه من عدمها، وعليه فأن الكهنة القدماء لابد من أنهم بثوا لعناتهم وطلاسمهم في أرجاء الهرم لتصيب الأشخاص الذين ينتهكون حرمته. وهنا قد يحتج أحدهم قائلا بأن الهرم زاره ملايين الناس خلال القرون الخالية وحتى يومنا هذا فلماذا لم تصبهم اللعنة، والجواب ببساطة هو أن اللعنة غالبا ما تكون مصممة لتصيب أول شخص ينتهك حرمة القبر وليس جميع الناس، فعلى سبيل المثال، يقال بأن أحد المنقبين الألمان في مصر في أواخر القرن التاسع عشر عثر على قبر أحد الكهنة المصريين القدماء، كان القبر يحتوي في داخله على ناووس مفتوح وفي جوفه تقبع مومياء فرعونية، وبجانب الناووس على الأرض تمدد هيكل عظمي لإنسان كانت جمجمته مهشمة بالكامل والى جواره يقبع حجر كبير. المنقب الألماني شعر بالدهشة ولم يفهم سبب وجود هذا الهيكل العظمي إلى جوار ناووس المومياء، لكنه سرعان ما أكتشف حقيقة ما جرى، فعلى الناووس كانت هناك كتابة هيروغليفية تقول : "كل من ينتهك حرمة هذا الميت ستسحق رأسه" .. أنها لعنة .. لعنة فرعونية قديمة لم يستطع لص المقابر البسيط قراءتها حينما دخل القبر لأول مرة قبل قرون عديدة، وهو لم يكن مهتما أصلا بقراءتها، إذ جاء طامعا بالذهب والجواهر فقط، لهذا لم يتردد لحظة في تنحية غطاء الناووس عن المومياء ثم مد يده ليسرق حليها وزينتها الذهبية، لكن قبل أن تصل يده إلى غايتها .. سقط على رأسه حجر من سقف القبر فهشمه بالكامل ليسقط اللص صريعا في الحال إلى جوار المومياء التي جاء ليسرقها!.

هل هناك حقا شيء أسمه لعنة الفراعنة؟:

يا ترى ماذا يقبع تحت هذه النصب الشامخة من اسرار ؟
الجواب على هذا السؤال يستلزم منا معرفة وإحصاء عدد الذين ماتوا حقا بسبب تدنيسهم للقبور الفرعونية وهتكهم لحرمة مومياءاتها. وفي الواقع لا توجد أبدا مثل هكذا إحصائية، بل يستحيل وجودها، لأن أغلب الذين عبثوا بالقبور المصرية كانوا من اللصوص، غالبا في العهود القديمة، أحيانا بعد فترة ليست بقصيرة على دفن المومياء وإغلاق القبر، وبطبيعة الحال لا أحد يعلم ماذا جرى لهؤلاء اللصوص .. كيف ماتوا ؟ .. هل قرصتهم بعوضة أم لدغتهم كوبرا ملكية ؟ .. لا أحد يعلم جواب هذه الأسئلة طبعا. لكننا نعلم بأن حجم الانتهاكات لقبور المصريين القدماء كان من الانتشار والرواج والسعة بحيث أن مومياءات الفراعنة كانت تملئ أسواق مصر وكانت الكثير من الناس يرتدون لفائفها كملابس. وخير شاهد لنا على ذلك هو الرحالة عبد اللطيف البغدادي، فأنا تعجبني أمانة وعلمية ودقة هذا الرجل في كتاباته بعيدا عن الخرافات التي كانت رائجة في زمانه، وهو يقول بهذا الخصوص :  
"ومما يقوي أطماعهم (اللصوص) ويديم إصرارهم أنهم يجدون نواويس تحت الأرض فسيحة الأرجاء محكمة البناء، وفيها من موتى القدماء الجم الغفير والعدد الكثير قد لفوا بأكفان من ثياب القنب لعله يكون على الميت منها زهاء ألف ذراع وقد كفن كل عضو على انفراده كاليد والرجل والإصبع في قطع دقاق ، ثم بعد ذلك تلف جثة الميت جملة حتى يرجع كالحمل العظيم . ومن كان يتتبع هذه النواويس من الإعراب وأهل الريف وغيرهم يأخذ هذه الأكفان فما وجد فيه تماسكا ، اتخذه ثيابا أو باعه للوراقين يعملون منه ورق العطارين . ويوجد بعض موتاهم في توابيت من خشب الجميز الثخين ، ويوجد بعضهم في نواويس من حجارة أما رخام أو صوان وبعضهم في أزيار مملوءة عسلا ، وخبرني الثقة أنهم بينما كانوا يتقفون المطالب عند الأهرام صادفوا دنا مختوما ففضوه فإذا فيه عسل ، فأكلوا منه فعلق في أصبع احدهم شعر فجذبه فظهر لهم صبي صغير متماسك الأعضاء ورطب البدن عليه شيء من الحلي والجواهر .... وأما ما يوجد في أجوافهم وأدمغتهم من الشيء الذي يسمونه موميا فكثير جدا ، يجلبه أهل الريف إلى المدينة ويباع بالشيء النزر ولقد اشتريت ثلاثة رؤوس مملوءة منه بنصف درهم مصري".
يا للعجب! .. عبد اللطيف البغدادي .. في سنة 1198 ميلادية .. أشترى رؤوس ثلاثة مومياءات من سوق القاهرة بنصف درهم مصري! .. ولك بعد هذا عزيزي القارئ أن تتخيل حجم التدنيس والانتهاك الذي تعرضت له المقابر الفرعونية على مدى أربعين قرنا.
طيب إذا كان تدنيس وسرقة القبور الفرعونية في العصور القديمة بهذه السعة والانتشار كما قرأنا أنفا، فلماذا إذن لم نسمع باللعنة إلا في العصر الحديث، إلا مع فتح قبر الملك توت عام 1922 ؟.
الجواب ببساطة هو أن تلك اللعنة لا تصيب سوى منتهكي قبور الملوك والكهنة وليس عامة الناس، فاللعنات لها متطلبات، من طلاسم وتعاويذ ووصفات سحرية لا يقدر عليها سوى الملك والنبلاء والكهنة. ولهذا فأن اللعنات لم تكن توضع إلا في قبور علية القوم، خصوصا في القبور التي تحوي كنوزا عظيمة مثل قبر الملك توت. وربما تعرض سارقو أمثال هذه القبور للمرض والموت بسبب اللعنة في العصور القديمة لكننا لم نسمع عن ذلك لأنهم أولا كانوا يعملون بسرية تامة .. ثانيا كانت عوائلهم لا تجرؤ حتما بالحديث عن كيفية وسبب موتهم خشية أن يقوم الملك أو الوالي بالقبض عليهم ومطالبتهم بتسليم الكنز.
وبعيدا عن هذا كله .. يؤكد العلماء من جهتهم بأن الكثير من الناس عبر العصور ماتوا بسبب القبور الفرعونية، ليس جراء اللعنة طبعا، فالعلماء لا يؤمنون بهذه الأمور، لكن بسبب الجراثيم والبكتريا القاتلة التي تشتمل عليها تلك القبور، فلا تنسى عزيزي القارئ بأنها كانت قبورا مغلقة لآلاف السنين ففسد وتكدر هواءها وصارت مرتعا للكثير من الطفيليات والغازات السامة الخطيرة. وقد أكتشف العلماء حديثا بأن قبور الفراعنة غير المفتوحة تحتوي بالفعل على العديد من الغازات السامة التي يمكن لها أن تسبب الموت خلال لحظات قليلة فقط.

vendredi 23 novembre 2012

تشاوتشيلا لغز المقبرة


تشاوتشيلا: مقبرة الأشباح

مقبرة تشاوتشيلاكانت مقبرة تشاوتشيلا Chauchila Cemetery وما تزال محط أنظار كلاً من السياح وعلماء الآثار إضافة إلى المهتمين بدراسة الظواهر الغامضة على حد سواء، تضم المقبرة بقايا بشرية تبدو ظاهرياً بأنها محنطة (مومياوات) وتقع في أرض صحراوية إلى الجنوب من دولة البيرو حيث تبعد عن مدينة نازكا مسافة 30 كيلومتر، أطلق عليها السكان المحليون اسم "مقبرة الرعب والأحزان" نظراً للأسرار الكثيرة التي تخبئها في جنباتها وحكايات الموت والأشباح والأحداث المخيفة التي تعرض لها بعض زوارها ، ومما زاد أيضاً في غموض المقبرة هو قربها من الخطوط الغامضة المرسومة على مساحات شاسعة من الأرض والتي تعرف باسم خطوط نازكا والتي يعتقد بعض أنها رسائل لمخلوقات غريبة أتت من خارج الأرض.


في عام 1901 قام عالم الاثار ماكس أويي برفقة مجموعة من مساعديه برحلة إستكشافية إلى مقبرة تشاوشيلا بعد أن سمع الكثير من ورايات الرعب التي تثير القبائل المحلية وبعد دراسة الجثث التي تحتويها المقبرة تبين له وجود جثث في المقبرة تعود إلى حقب زمنية مختلفة وهذا أثار حيرته ودفعه للتساؤل :"ما هو السر وراء وجود هذه الجثث الحديثة نسبياً إلى جانب جثث يعود تاريخها إلى حوالي 2000 سنة ؟".

- إن الطريقة والظروف التي دفن فيها هؤلاء القوم أمواتهم تركت لنا مومياوات وقطع السيراميك ومنسوجات ملونة وجماجم وأدوات أخرى كأنه لم يمسسها أحد قط كأنها فبقيت على حالها طيلة تلك الفترة الطويلة حيث حافظت الجثث المحنطة طبيعياً وأجزاء الجسم الأخرى بشكل مذهل على نفسها بفعل عوامل المناخ الجاف جداً والحار كما يلاحظ خصل من الشعر والملابس . ويقول أحد الزوار: "تشبه الأجساد المحنطة الأشباح وكأنها تبعث برسالة من الماضي ، وأشعر في بعض الأحيان أنها تحدق مباشرة نحوي، وأتمنى أن يدركوا بأن آخر شيء يمكن أن أفعله هو مضايقتهم من رقادهم بسلام".

جثث ترفض الدفن
تصر بعض القبائل مثل قبيلة نازكا على فكرة وجود أرواح شريرة تحرس المنطقة وتخفي كنزها في مكان غير معروف حيث يقول أحد السكان المحليين: "لا أحد منا يعرف بالضبط ما يحدث في هذه المقبرة وكل ما أعرفه هو أنه في كل مرة كان اباؤنا يدفنون هذه الجثث ويغطونها بالتراب تعود للظهور من جديد وبنفس الشكل الذي كانت عليه من قبل" .


أضواء غريبة وأجسام طائرة مجهولة

إعترف عدد من سكان المنطقة بوجود كائنات أو أجسام غريبة تحوم حول المكان من وقت لآخر وأضواء قوية تنبعث من المقبرة في الليالي المظلمة ، ونذكر هنا بعض ما رواه شهود عيان:

- يقول تيتو روخاس مفتش بلدية نازكا :" في 3 فبراير من عام 1972 كنت متوجهاً إلى منطقة بامبا كاربونيرا القريبة من المقبرة ، ووسط الفراغ المهول الذي يلف المكان رأيت جسماً معدنياً يحوم حول القبور ثم ما لبث أن خرج من هذا الجسم المعدني كائن قصير وغاب بين القبور ولم تمض سوى لحظات قصيرة على ذلك حتى إختفى الرجل والجسم المعدني في علياء السماء".

- يقول أنيبال إنكامي الذي يعمل في ورشة لتعبيد الطرقات في جنوب البيرو :"بينما كنت أقود سيارتي ذات ليلة شاهدت ضوء كالبرق يسير بسرعة جنونية حتى إرتطم بالأرض وغطى مقبرة تشاوشيلا بكاملها ، وبعد لحظات قليلة بدأت تنبعث من القبور أضواء قوية وظهرت أجسام غريبة تشبه الغضروف بدأت تقترب من القبور بسرعة كبيرة شعرت برعب شديد وحاولت أن أهرب بسيارتي على وجه السرعة لكن المحرك توقف من غير سبب وكأن الأجسام الغريبة التي أختفت بعد دقائق معدودة أرادت مني أن أكون شاهداً على ما حدث" ، ويتابع صديقه أدولفو بنيافيل قائلاً : "لا أحد منا يستطيع أن ينكر وجود هذه الأضواء الغريبة فقد راها عشرات المواطنين في مناسبات عديدة وهناك عدد من الشهادات المحفوظة في بلدية Nazca التي تؤكد حقيقة هذه المشاهدات".

نبذة تاريخية
 
اكتشفت المقبرة في العشرينيات من القرن الماضي ولم يسبق لأحد أن استخدمها منذ القرن التاسع الميلادي، تحتوي المقبرة على العديد من المدافن تمتد لـ 700 سنة، ويعتقد بعض الخبراء أن أوائل عمليات الدفن بدأت في عام 200 بعد الميلاد. تعتبر المقبرة مصدراً هاماً حول ثقافة النازكا بالنسبة لعلم الآثار وكانت قد تعرضت المقبرة إلى عمليات النهب والسرقة بشكل كبير من قبل الهاوكيرو (صائدي الكنوز باللغة الإسبانية) الذين لم يتركوا وراءهم سوى عظاماً بشرية مبعثرة وأوان فخارية مكسورة بعد أن نبشوا القبور. موقع المقبرة حالياً محمي بموجب القانون البيروفي منذ عام 1997 والسياح القادمون يدفعون مبلغ 7 دولارات أمريكية ليأخذوا جولة تستغرق مدة ساعتين في مدينة الموتى القديمة، في عام 1997 تم إسترداد أغلب عظام الهياكل والأوان الفخرية المكسورة إلى القبور. بينت تلك المقبرة لتضم رفات مجموعة من العائلات .

- إزدهرت ثقافة نازكا في البيرو في الفترة بين 200 - 800 بعد الميلاد ، ومن القواسم المشتركة المعروفة عن الحضارات التي برزت ما قبل حضارة الإنكا Inca هو أنها بنيت في أراض عدائية للعيش البشري مثل جبال الأنديز الشديدة الوعورة أو في وسط الصحراء وهو أمر غموض بحد ذاته.

فرضيات التفسير

تتباين فرضيات التفسير بين مؤيد ومتشكك للأحداث الغريبة التي شهدتها المقبرة ، فالمؤيدون لها يسيرون وفق نظريات المخلوقات الفضائية أوالأشباح ويدعمهم في ذلك روايات شهود العيان والأساطير المنتاقلة وتضخيم الحيرة في الأهداف، بينما المتشككون فيها يعتمدون على علوم الآثار وتاريخ طقوس الشعوب وطرق عيشها ، يوجد دائماً إجابات محتملة من أرض الواقع لتفسير ما يحدث وفي ما يلي تحليلي الشخصي :

- جثث تنتمي إلى أزمنة مختلفة

ليس من المستغرب أن تستخدم نفس أرض المدفن لدفن المزيد من الموتى، خصوصاً إن كانت تمثل مكاناً مقدساً بالنسبة لتلك الشعوب حيث تأتي البركة من أرواح الأجداد بحسب معتقدات العديد من الشعوب، ولا أعتقد أن السبب عائد إلى ضيق أو قلة أماكن الدفن في صحراء واسعة كصحراء نازكا. ففي عصرنا الحالي ازدحم سكان المدن إلى درجة إستخدام نفس المقابر القديمة في دفن القادمين الجدد من المتوفين.

- ظهور الجثث بعد دفنها في نفس المكان

هو عائد ببساطة إلى عمليات نبش المقبرة بحثاً عن الكنوز ، فكثير من الحضارات القديمة تدفن أفراد الطبقة العليا من المجتمع بملابسهم ومع كنوزهم وممتلكاتهم النفيسة للتحضير إلى رحلة الخلود على غرار ما نجده لدى المصريين القدماء من الفراعنة ، ومما تقدم في النبذة التاريخية نجد أن المقبرة تعرضت لمحاولات عديدة للنبش من قبل لصوص القبور وهذا يعني أنهم يتخفون في الليل ولضيق الوقت لا يتمكنون أحياناً من إعادة طمر الجثث التي لا تهم في شيء بعد أن حفروا في القبر ، فيستفيق السكان المحليون ليجدون الجثث مجدداً على وجه الأرض بعد أن رأوها مدفونة فيدفونها ولكن يبدو أن موجات اللصوص متلاحقة وجماعاتهم شتى فتكرر المحاولة في نفس القبر وتنبش الجثة من جديد وهكذا .. وهذا يفسر ً:"رفض الجثث للدفن".

- الأضواء الغريبة

قد تكون تلك الأضواء عبارة عن أضواء كشافة يستخدمها لصوص القبور أو الهاوكيرو لتساعدهم على النبش في أمامن القبور التي يقصدونها ليلاً.فيظن الناس أنها أرواح شريرة وبما روج اللصوص أنفسهم من أبناء المنطقة أو الممناطق المجاورة لتلك الإشاعة بهدف التغطية على محاولاتهم في سرقتها .

- سر حفظ الجثث
1- شدة الجفاف والحرارة في الصحراء التي تحوي المقبرة لها دور كبير في حفظ الجثث كما ذكر لاحقاً الجو وهذا ليس عائد بالطبع إلى تحنيط إصطناعي قاموا به مثل ما قام به الفراعنة.

2- الجثث متروكة في ملابس من القطن المطرز والمطلي بمادة الراتنج ومن االمعروف عن الراتنج أنه يبعد الحشرات ويقلل من فرص البكتيريا في التغذي على الجثة ويبطئ العملية .

3- الجثث محفوظة في قبور جدرانها قرميدية وهذا عامل آخر في الحفظ.

4- هناك موقع آخر مجاور لمقبرة تشاوتشيلا وهو مقبرة إستاكويريا Estaquería قد يعطي أدلة عن ظروف الحفظ المذهل لعدد هائل من الجثث فيها، فعلماء الآثار وجدوا في ذلك الموقع أعمدة خشبية ظنوا أنها استخدمت للمشاهدات الفلكية ، لكن اليوم يعتقد أنها دعامات استخدمت بغرض تجفيف الجثث ضمن إطار عملية للتحنيط ، وكان لهذا دور كبير في زيادة فرص حفظ جثث تتجاوز مدة دفنها 1000 سنة وما زالت عليها حتى الآن خصل شعر وبقايا أنسجة ناعمة كالجلد.

ويبدو أن هناك أيضاً ظروف طبيعية أخرى وراء حفظ الجثث كما حدث مع جثمان الفنان عبد الحليم الحافظ في مصر وشيخ درزي في لبنان رغم أنه لم تنل الدراسة العلمية الجادة .

أسطورة متجددة تروج للسياحة

من مصلحة بلدية نازكا ودولة البيرو نفسها أن تظل مقبرة تشاوتشيلا أسطورة حية في نظر العالم حتى تحافظ على تدفق دائم من أفواج السياح والمغامرين وبالتالي زيادة العائدات. وهذا نرى له مثيل في إقامة منتجع ترانسلفانيا في رومانيا لإحياء أسطورة الكونت داركولا مصاص الدماء (المخوزق) والذي يعتبر بطلاً في نظر الرومانيين. إقرا عن الادلة المزيفة وأهدافها

طقوس المندل الشيطانية


كشف المندل أو ضرب المندل هو اتصال إيحائي مع الشياطين عن طريق شخص مؤهل تتوفر فيه مواصفات معينه للاستعلام عن شئ مجهول.


يقول الله تعالى : ‏‏{‏وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا‏}صدق الله العظيم.

الطقوس المستخدمة:

يبدأ الساحر في طقوس معينة لاستخدام المندل يبدأ فيها باستخدام آيات قرآنية وتعاويذ شيطانية وشركيات بهدف الوصول لمبتغاه عن طريق أشخاص مؤهلين لرؤية الشياطين والتواصل معهم، والاشخاص المؤهلون للنظر كما يعتقدون السحرة والكهنة هم :
-الطفل غير البالغ
-المرأة العذراء
-المرأة الحامل
-المملوك
العامل المشترك في الاشخاص المؤهلين كوسطاء روحانيين هو عقدة النقص، فالطفل ناقص حتى يرشد، والعذراء مضطربة الجنس حتى تُفتَض والمرأة الحامل تحمل عقدة نفسية حتى تضع ولادتها، وأخيراً المملوك يحمل سلوك النقص الاجتماعي حتى يتحرر.

التفسير العلمي الوحيد عن أهلية هؤلاء الاشخاص هو التنويم الإيحائي والخيال الواسع الذي يتوفر لديهم.

التنويم الإيحائي :

حالة ذهنية تتم في هدوء واسترخاء، كما أنها تتم عن طريق الجهة اليمنى من العقل وهي الجهة المسؤولة عن الحدس والخيال والتأمل فالطفل يلجأ تلقائياً إلى عالم الصور والخيال وفتح هذا الباب بالتنويم الايحائي لدى الطفل ميسرٌ جداً.

كما نجد أن البقية يعيشون حالة من العقدة والاضطراب ولاشك أنّ من كان حالهُ هكذا فهو في اضطرار واضطراب وحاجة ينتظرها، فتسهل الأحلام عليه، ويكثر الخيال لديه، فتربته خصبةٌ يمكن زرعها دون عناء.

الطقوس:

توفير الطقوس المناسبة من بخور، عزيمة، زيت أو حبر أو شيء لامع لأنها ستكون المرآة لرؤية الحدث عند التواصل مع الشياطين عن طريق الشخص المؤهل ونلاحظ أن المواد المستخدمة ذات انعكاس كالمرآة والزيت والحبر، وقديما كان يُعتقد أن الظل المنعكس في الماء هو الروح بعينها
وأيضاً يجب أن يكون الجو صافياً ذلك الوقت خالٍ من الغيم والمطر والريح.

التحضير :

يؤتى بالشخص المؤهل فيقوم الساحر بكتابة الآية الكريمة (فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد) على جبين المؤهل ويبدأ بتلاوة بعض العزائم التى تدعو الشياطين من الجن باسمائهم مثل أجب يا أبا طارش ويا أم الزمازم ويا أبا ديباج الخ
قال ابن منظور:(العزيمة من الرقى التي كانوا يعزمون بها على الجن، وجمعها العزائم يقال: عزم الراقي: كأنه أقسم على الداء).

وقال القرافي:(وأصلها الإقسام والتعزيم على أسماء معينة زعموا أنها أسماء ملائكة وكّلهم سليمان بقبائل الجان، فإذا أقسم ألزم الجن بما يريد).
ويبدأ بالقسم عليهم والدعوة فلكل يوم بإعتقاد السحرة ملك معين يتم الدعاء باسمه وبكلمات غير مفهومة، واستخدام خاتم معين له وهي أوفاق بأرقام معينة يتم كتابتها.

الأوفاق:

قال القرافي:(الأوفاق هي أعداد توضع في أشكال هندسية على شكل مخصوص، كانوا يزعمون أن من عمله في ورق وحمله يؤدي ذلك إلى تيسير الولادة، أو نصر جيش على جيش، أو إخراج مسجون من سجن ونحوه).
فلكل يوم ملك خادم لهذا اليوم كما هو السائد في اعتقاد السحرة ويجب الدعاء باسم ملك الجن الذي هو مكلف بهذا اليوم ويقوم ملك الجن بتوفير خدام لك من الشياطين.
يوم الاحد : الملك أبو عبدالله سعيد المذهب

يوم الاثنين : مرة بن الحارث وكنيته أبو النور الأبيض


يوم الثلاثاء: الملك أبا حرز الأحمر


يوم الاربعاء : الملك برقان الأصفر وكنيته أبو العجائب


يوم الخميس: الملك شمهورش وهو قاضي الجن


يوم الجمعة: الملك الأبيض وكنيته أبو الجن زوبعة


السبت :الملك ميمون السياف


وتلك هي أسامي ملوك الجن علماً أنه الملك شمهورش توفي كما ادعى بعض السحرة فلا نعلم هل يتم استبدال اسمه بالملك الاخر أم هي فقط مسميات ليس لها اثر.


بالإضافة لكل ملك يتم الدعاء بدعاء معين وخاتم معين ولكن لن نستعرضها هنا خوفاً من الدخول بالشركيات وفي المقال فقط نوضح الطقوس التي يتم استخدامها ولا ننصح بتعلم هذا العلم إطلاقاً.
بعد الدعوة والقسم وتوفير الخاتم المناسب يتم صرف العامر وهم الجن الذين يسكنون المنازل فلا يستطيع الساحر أن يتمم عمله بوجودهم بحجة أن الخدام من الجن لا يستطيعون الحضور بوجود عمّار المنزل.

فيتم صرف العامر بأي إصراف أو تلاوة سورة الزلزلة سبع مرات وفي كل مرة يكرر لفظة (أشتاتا) ثلاث مرات، وفي آخر السورة يوكل بانصراف العمار بأن يقول: (انصرفوا يا عمار من هذا المكان حتى يتم عملي وساعدوني على قضاء حاجتي ثم عودوا إلى أماكنكم سالمين آمنين) ثلاث مرات، تم يصلي ركعتين ويطلق البخور ويمسك بالمرأة بيده اليمين وينظر إليها ويتلو القسم عدد مائة وخمسين مرة !!.


كما يتم استخدام قسم معين مثل البرهوتية أو القادرية واللهوتية وهي أقسام طويلة جداً تبدأ بكلمات مفهومة وبعد ذلك يبدأ بالدخول بالشركيات والدعاء لغير الله كما يبدو لنا ذلك وهذا حرام ولا يجوز ويؤدي للكفر.


ينظر الناظر في مرآة وتكون جارية أو حامل كما ذكرنا سابقاً والكشف على الجبهة فالناظر يرى سحاب أو دخان يتكون فوق رأسه ثم يرى نوراً ثم ظهور الخادم فيبدأ بسؤال الخادم عن ما يشاء.

حادثة غرق التيتانيك


 يقول تعالى: "هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي البَرِّ وَالبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ المَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (10/22)" صدق الله العظيم.

هذه الآية الكريمة تحدثنا عن مجموعة من الظواهر البحرية الفريدة وتغير حال البحر من طبيعته الهادئة إلى طبيعة أخرى فجائية ديناميكية متغيرة مع الوقت والقيمة مما يؤدي إلى حوادث غرق السفن مهما عظمت أبعادها ومهما امتلكت من سبل التقنيات، فعلى النحو المعلوم لنا الآن من أن التغير في حال البحر يصاحبه تغيرات مماثلة في درجات الحرارة والضغوط بما يجعل رواده يدعون الله خشية الغرق وما أن ينجيهم الله من الغرق حتى يعودوا إلى غيهم وطاغوتهم وعدم إخلاصهم لله والشرك به سبحانه وتعالى وأن عقاب الله لهذه الفئة الضالة سيكون شديد. ومن أمثلة هذه الحقائق العلمية هو ما حدث للسفينة التيتانيك.

ومسألة الغرابة في حادث غرق هذه السفينة العملاقة ليس فقط لكونهالحادث الذي أسفر عن غرق أضخم سفينة ركاب آنذاك، وغرق معظم ركابها، ولكن الغرابة في إيجاد تفسير منطقي لحدوث الحادث، إذ كان يعتقد فيما مضى أن أسباب الحادث هو ارتطام السفينة بأحد الجبال الجليدية، مما أحدث صوتا مدويا أدى إلى انشطار السفينة وغرقها بعد مدة قصيرة، بينما تبين حديثا وبعد تحديد موقع غرق التيتانيك باستخدام معدات حديثة وتقنيات الأقمار الصناعية من أن أقرب جبل من الجبال الجليدية يبعد قرابة ثمانية أميال بحرية ( الميل البحري يساوي85ر1 كيلومترا تقريبا)، بمعنىآخر أن سبب الغرق صار لغزا ًعلمياً، وما أن توصل الإنسان إلى صنع إنسان آلي يمكنه الغوص في أعماق المحيط ويمكن توجيهه عن طريق جهاز خاص من بعيد أعلىسطح المياه، وبعد أن تم تزويده بمعدات قطع الحديد، حتى تمكن من أخذ عينات من أجزاء معينة من بدن السفينة الغارق، وتم تحليلها وإجراء التجارب عليها في المختبرات فأتضح لهم في استجلاء أن أسباب الغرق لم تكن كما كان يتصور الناس آنذاك بارتطامها بجبل من الجليد بل إن السبب الحقيقي يكمن في حدوث تغيرات فلزية في معدن المادة المصنع منها بدن السفينة، وتحول جزيئات المعدن من حالة الممطولية والجساءة العالية إلى مرحلة الهشاشة الفجائية والتي أفقدت المادة لحظيا متانتها وأن هذا التحول يصحبه صوت مدوي يشبه صوت الارتطام.

دعونا الآن ندخل في القصة الحقيقية للغرق والتي أثبتتها التجارب العلمية اليقينية. وإليكم بعض التفاصيل المختصرة عن السفينة والتي كان لها شقيقتين إحداهما السفينة أوليمبيك"Olympic" والتي بنيت عام 1910 وتم تخريجها عام 1935 والسفينة بريطانيك "Britannic"والتي تم إنزالها عام 1914 وارتطمت بلغم وغرقت عام 1916 والسفن الثلاث تم بناؤهم في إحدى ترسانات بلفاست بإيرلندا.

أولا: موجز تواريخ البناء والتجارب والتشغيل:

تاريخ إنشاء بنائها يعود إلى 31 مارس عام 1909

تاريخ تدشينها وإنزالها 31 مايو عام 1911

تاريخ الانتهاء من تجهيزاتها 31 مارس عام 1912

ثانيا تفاصيل موجز لرحلة البداية والنهاية:

-غادرت ميناء ساوث أمبتون بجنوب المملكة المتحدة البريطانية يوم 10 إبريل عام 1912

-اتجهت إلى ميناء شوربيرج بفرنسا بعد حوالي ستة ساعات من الإبحار وصلت في نفس اليوم.

-غادرت ميناء شوربيرج متجهة الي ميناء كوينز تاون بأيرلندا في نفس اليوم بعد أن مكثت حوالي ساعتين.

- وصلت إلى ميناء كوينز تاون حوالي ظهر يوم 11 إبريل عام 1912.

-غادرت ميناء كوينز تاون متجهة إلى ميناء نيويورك الساعة الواحدة والنصف ظهراًمن نفس اليوم.

-تاريخ الغرق Titanic founderedكان الساعة 20ر2 بعد ظهر يوم 15 إبريل عام 1912.

- تاريخ كشف وتحديد موضع الغرق كان يوم أول سبتمبر عام 1985 وتم وجود واكتشاف الحطام في موقع يبعد حوالي 5ر2 ميل بحري عن سطح المحيط وكان ذلك عن طريق مجموعة بحثية مشتركة من الفرنسيين والأمريكيين.




- إجمالي عدد الركاب والطاقم في رحلة المغادرة من ميناء كوينز تاون بأيرلندا 2238 فردا.

- عدد المفقودين في حادث الغرق 1523 فردا. بينهم 815 راكبو688 فرد طاقم أي أن عدد الناجين من هذا الحادث هو 715 شخصا فقط بين طاقم وركاب، أي أقل من 32% من مجموع المتواجدين علىسطح السفينة.

ثالثا: موجز بتفاصيل البيانات الإحصائية والتصميمية للسفينة:

طول السفينة المسجل 259,909 متراً .

الطول الكلي للسفينة131ر269 مترا .

العرض 201ر28 مترا .

العمق 171ر18 مترا .

الحمولة الكلية المسجلة 46326

الحمولة الصافية المسجلة 21831

القدرة المحركة الكلية 46000 حصان عند سرعة قدرها 21 عقدة (العقدة تساوي ميل بحري مقطوع في الساعة والميل البحري يساوي ما يقارب 85ر1 كيلومتر).

- عدد ركاب الدرجة الأولي 735 راكب.

- عدد ركاب الدرجة الثانية 674 راكب.

- عدد ركاب الدرجة الثالثة 1026 راكب.

- السعة الإجمالية لعدد الركاب على سطحالسفينة 2435 راكب.

- عدد أفراد الطاقم 885 فردا.

- سعة زوارق الإنقاذ والنجاة الإجمالية علىسطح السفينة بعدد 20 زورقا بسعة 1178 فردا. أي أقل من نصف عدد الركاب والطاقم!!!.

لقد تم تصميم السفينة وفقا لنظرية السفينة التي لن تغرق وتم تطبيق نظريات حسابات الطفو ودراسة وتحديد المسافات بين القواطع السدودة للمياه، وكذا حسابات ما يسمىبطول التغريق ثم حساب ما نعرفه نحن باسم معامل التقسيم الفرعي، والذي ينتح عنه طول السماح للعنبر والذي إذا ما غرق هذا الطول من السفينة فإن الطفو الاحتياطي لها سيقاوم عملية الغرق الكلي للسفينة. إلا أن الله أراد لهذه السفينة علي الرغم من كافة الاحتياطات الحسابية وأعمال التصاميم الهندسية أن يغرقها في رحلتها الأولى.


صورة توضح سلم السفينة وكيف أنه كان تحفة معمارية فقد بنيت السفينة مثل القصر وتوضح الصورة جهة اليمين إحدى الساعات التي تم وضعها داخل الكبائن وتوضح الصورة مدىعظمة وأبهة محتويات السفينة من الداخل.

تفاصيل أسباب الغرق العلمية:

من أسباب الكوارث في حياتنا هو الكفر بالله وتحدينا لمشيئته ففي فلم تم إنتاجه لتخليد قصة غرق السفينة "التيتانيكR.M.S. Titanic "يمكن أن نشاهد أحد الأميرات البريطانية وهي تقوم بتدشين السفينة وتستمع إلى شرح من المهندس الألماني الذي قام بتصميمها وهو يحدثها عن إجراءات الأمان والإمكانيات الخارقة التي تتمتع بها، وعلى الفور تسأله الأميرة هل يمكن لهذه السفينة أن تغرق، فأجابها المهندس على الفور " الله لا يستطيع أن يغرقها ".

ولكنهاغرقت في رحلتها الأولى على الرغم من قيام مصممها ومعه مجموعة من المهندسين البريطانيين من عمل حسابات نعرفها نحن الآن باسم حسابات التغريق وفيها يتم دراسة تقسيم السفينة إلى أجزاء وعنابر بأطوال مسموحة، أي تحديد أطوال العنابر التي حال امتلاؤها لمياه البحر فإنها لن تغرق. إلا أن ما حدث في هذه الباخرة إنما هو شيء جدير بالدراسة وإلقاء الضوء عليه.

ترك الربان عجلة القيادة إلى ضابط أول السفينة، حيث كانت قد اقتربت كثيراًمن ميناء الوصول وعلىبعد سويعات قليلة من ميناء نيويورك وذلك حتى يتمكن من تقديم واجب الضيافة والحفاوة بكبراء القوم من ركاب السفينة، وكانت هذه هي بداية النهاية.

إذ ما أن تبين للضابط الأول وجود هالة من السواد تنبئ عن وجود جبل من الجليد في طريق الإبحار وتبعد عن مقدمة السفينة آنذاك بمسافة حوالي ثمانية أميال بحرية حتى أعطي القرار الخاطئ بإصداره الأوامر بتحويل وتغيير مسار السفينة فجأة من قيمة الصفر إلى أقصى قيمة لوضع الدفة مما نتج عنه إجهادات عصر فجائية للبدن نتج عنها حدوث شرخ بسطح السفينة والذي هيأت الظروف له الانتشار بسرعة الصوت في المادة مما أدي إلى إنشطار السفينة إلى جزئين غرق الجزء الأمامي منها في التو وفي اللحظة بينما ظل الجزء الخلفي يقاوم الغرق لمدة حوالي ساعتين ونصف الساعة كانت كافية لإنقاذ أقل من نصف عدد الركاب بينما غرق جميع من كانوا جهة المقدم من السفينة.

وغرقت السفينة في مياه المحيط في المسافة بين سواحل نيويورك وكندا، وقد ظن البعض خطئا أن السفينة قد ارتطمت بجبل من الجليد مع أن موضع غرقها كان يبعد عن أقرب جبل للجليد في المنطقة بقيمة تقدر بخمسة أميال بحرية أي مسافة تقدر بحوالي 10 كيلومترات. معنى هذا هو أن مادة الصلب التي تم تصنيع البدن منها كانت تعاني آنذاك فقرا في الممطولية يصل إلى درجة الاضمحلال عند درجات الحرارة المنخفضة.

وتصف لنا آيات الله في القرآن الكريم حقيقة علمية مؤكدة عن اتزان وسلامة السفن أثناء إبحارها فلننظر إلى قوله سبحانه وتعالى في سورة يونس: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ: "وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرِيهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (11/41)" صدق الله العظيم. فالسفينة هي الجسم الهندسي الوحيد الذي إذا ما حدث وأن مال إلى أحد الجوانب فإنه يعود لوضعه الرأسي مرة أخرى نتيجة تخليق عزوم استعدال داخلية يتم تخليقها ذاتيا حسب خطة توزيع الأحمال والبعد البياني فيما بين محصلة مراكز الثقل ومركز الطفو، وهذا التخليق الإلهي يسمي هندسيا باسم عزوم القصور الذاتي لجسم السفينة. لهذا كله فقد وضعت لنا هذه الكلمات أسسا حسابيا لو تمعنا فيها لما حدث لنا من تخلف ولكان لنا شأن آخر بين أمم الحاضر. وسوف نتناول موضوع استقرار السفن وعلاقته بمجريها ومرساها في بحث آخر قريب إن شاء الله تعالى.

توضح الصورة السفينة وهي مشرفة علىالغرق بعد أن انفصل عنها النصف الأمامي وإنشطارها إلى نصفين، وقد غرق النصف الأمامي تماما في لحظات وغرق معه كل من كان فيه من أرواح سواء من الركاب أو الطاقم، بينما ظل الجزء الثاني والذي يحتوي علىالمؤخرةللسفينة طافيا حتى تم إنقاذ ما يمكن إنقاذه من الأرواح ، وغرق هذا النصف الثاني أيضا وابتلعته مياه البحر بعد سويعات قليلة لم تتجاوز الساعتين والنصف.


الصورة العلوية إنزال وتثبيت الروبوت الذي تم استخدامه في قطع عينات من معدن السفينة ثم الدخول إلى جسم السفينة الغارقة علىعمق كبير تحت سطح المحيط بينما توضح الصورة اليسرىحطام السفينة

كانت التيتانيك هي أعظم السفن وأكبرها حجما وغرقت وهي في رحلتها الأولى على الرغم من تحري الدقة في تقسيماتها الداخلية وعمل أقسام فرعية عرضية لأول مرة في تاريخ السفن البحرية ومن ثم فإن سبب الغرق كما كان يظن خطئا حتى الماضي القريب كان بسبب ارتطام جسم السفينة من أحد الجوانب بجبل من الجليد إلا أن الثابت هو حدوث انتقال مرحلي لجزيئات المادة من حالة الممطولية إلى حالة

الهاشية. كانت وسيلة الاتصال الوحيدة المتاحة آنذاك عن طريق استخدام جهاز التلغراف "مورس" والذي لا يمكنه استقبال الرسائل حال إرساله لذلك فلم تستقبل السفينة إشارات السفن الأخرى المرسلة عن طريق هذا الجهاز لإنذار السفينة التيتانيك بوجود جبل من الجليد أمامها. فقد كان جعل ضابط اللاسلكي أن جعل الجهاز معلقا على الإرسال فقط دون الاستقبال وذلك نتيجة إرساله لمقالات الصحافيين المتواجدين أثناء الرحلة إلى إدارات الصحف والمجلات ودور النشر آنذاك والذين لم يبخلوا عليه بالغالي والنفيس من البقشيش نظير إرساله لمحرراتهم إلى جرائدهم الرئيسية حتى ظهر أمام الضابط أول ظلا أسودا في عباب البحر عند خط الأفق.

كانت السفينة التيانيك آنذاك تقترب وتتقدم نحو جبل من الجليد، والذي كان يبعد عن مقدمتها آنذاك مسافة تقدر بحوالي 5 ميل بحري ( أي قرابة حوالي 10 كيلومتر تقريبا). فما كان من الضابط الأول إلا أن أعطى قراره الخاطئ بإدارة الدفة إلى أقصى نقطة تجنبا لحدوث الارتطام بالجبل. وما أن حدث هذا حتى سمع صوت دوي وانفجار أدى إلى حدوث الحادث. ولم يكن يعرف أحد آنذاك أن السبب الفعلي للغرق نتج عن تحول مادة الصلب المصنع منه بدن السفينة من حالة الممطولية وفقد الجثاءة نتيجة انخفاض درجة حرارة الماء عن- 35 درجة مئوية (كان الصلب آنذاك يتم تصنيعه بحيث أن تصل درجة حرارة التحول الحرجة إلى -10 درجات مئوية).

ولما تعرضت المادة إلى درجة حرارة تقل كثيرا عن درجة الحرارة الحرجة اللازمة للتحول فقد تحولت إلي مادة هاشية، والتي ما أن أعطىضابط أول السفينة قراره الخاطئ وليس بالتدريج فقد نتج عن هذا الفعل نوع من الإجهادات سمي بإجهادات الليّ والعصّر ومع سؤ حالة الجو والحالة الديناميكية والمتغيرة من أحمال أمواج البحر وفي ظل تحول المادة من مادة ذات ممطولية الي مادة هاشية فقد أدت هذه العوامل جميعها والتي تزامنت في آن واحد إلى حدوث الانهيار لجسم السفينة، وإحدىظواهره تكمن في حدوث انفجار يؤدي إلى انتشار الشروخ في المادة بسرعة الصوت فيها مما يحدث ما يسمى بالرعد المعدني "Metal Bang" نتيجة فقد المادة للممطولية وتحولها إلى مادة هاشة مما جعل الركاب يظنون أنهم ارتطموا بجبل من الجليد وتسبب هذا في غرق السفينة التيتانيك، وكانت هذه السفينة قد بنيت حسب نظرية السفينة التي لن تغرق فأغرقها الله وهي في رحلتها الأولى.


الخلاصة والخاتمة والدروس المستفادة من حادث الغرق
نخلص من هذه الدراسة إلى أنه على الرغم من فعل الصدمة نتيجة حادث الغرق وضخامة عدد الغرقى فإننا استفدنا كثيرا من هذا الحادث المأساوي الأليم ونلخص أوجه الفائدة في النقاط التالية:

1) الإنسان ضعيف عليه أن يعترف بضعفه ولا يتحدى قدرة الله تعالى .

2) اتضح لنا جليا أن أحد أسباب الغرق هو فقد في طفو هذه السفن إلى حد حرج يحدث بعده الغرق. وعلىالرغم من دقة حسابات التغريق وحسابات التقاسيم الفرعية الداخلية ووضع قواطيع سدودة للمياه.

3) حدوث انهيار داخلي فجائي لبعض مقومات المتانة الطولية أو العرضية أو كلاهما معا نتيجة تحول المادة من حالة إلى حالة أخرى.

3) عدم توافر زوارق النجاة بالسعة والعدد الكافي أدى إلى فقد وحصد كثير من الأرواح.


احجار كاراهنج الاكتشاف الجديد



اكتشف مؤخراً موقع أثري يعود إلى حقبة ما قبل التاريخ في جنوب أرمينيا وعلى بعد حوالي 140 كيلومتر من جنوب شرق العاصمة يريفان وعلى هضبة مرتفعة قريبة من مدينة سيسيان حيث تمتد 223 حجراً يزن الواحد أكثر من 50 طن وهي تعرف بـ ستونهنغ الأرمينية ويقدر عمرها بأكثر من 7500 سنة وهي بحسب أقوال العلماء أقدم من ستونهينج بـ 4500 سنة.

وتعرف هذه الحجارة باللغة الأرمينية بكلمة كاراهانغ وهي مركبة من جزئين ، الأول كارا ويعني الحجر ، والثاني هانغ ويعني الصوت، ويقصد منها الحجارة التي تصدر صوت الصدى ، والعلماء اليوم يعتقدون أن لهذا الموقع صلة بموقع ستونهنغ في بريطانيا من حيث استخدامه كمرصد فلكي، حتى أن الموقعان يتشابهان في الاسم من خلال كلمة "هنغ" التي لا يوجد لها معنى في اللغة الإنجليزية.

تمتد هذه الحجارة على مساحة تبلغ حوالي 7 هكتارات ، وفي منتصف المنطقة يوجد دائرة من الحجر لا تزال كيفية جعلها بهذه الطريقة على الشكل الدائري لغزاً محيراً بحد ذاته ويطرح أسئلة حول الهدف منها ومن الذين قاموا بتشكيلها على تلك الطريقة الدائرية الهندسية المعقدة ؟ ناهيك عن الأحجار التي حولها التي تحتوي بعضها على ثقوب تقدر بحوالي 84 ثقب دائري في زوايا مختلفة من الصخور بقياس 4-5 سم ويمكن استخدامها كتليسكوبات للعمل حتى اليوم . بحيث يجعل هذه النصب استثنائية وفريدة في نوعها بحيث وضعت بطريقة تخترقها أشعة الشمس ، ويعتقد أن هذا الصرح أقيم لأخذ قياسات عن حركة الشمس والقمر في أوقات مشارقها ومغاربها وكذلك النجوم باستخدام 4 طرق فلكية مختلفة مبنية على قوانين تغيرات وميل محور الأرض.
ولهذا النصب علاقة بالنجوم والفلك ويرجح أن هذا الموقع هو أقدم مرصد فلكي عرفته البشرية ، ولكن الأغرب في ذلك كله هو وجود ألواح حجرية  في نفس هذا الموقع عليها نقوشات لمئات من المخلوقات الغريبة التي لا يعرفها الإنسان ولم تذكر في كل التاريخ البشري ، وهي على هيئات مختلفة بأيادي وأذرع طويلة ورؤوس مختلفة الأحجام حليقة بدون شعر وعيون بيضاوية واسعة وأعناق طويلة يصعب تفسيرها ويعتقد بعض الباحثين بإن هذه النقوش إشارات إلى  مخلوقات قدمت من خارج كوكب الأرض .
كتاب " أرمينيا وأرمينيا القديمة "


نشر البروفيسور (باريس إيروني) الذي يرأس معهد أبحاث الفيزياء الراديوية في العامصة الأرمنية والعضو في الأكاديمية الوطنية الأرمنية للعلوم كتاباً حمل عنوان "أرمينيا و أرمينيا القديمة " وفي 270 يذكر أوصافاً وأدلة يعتبرها دامغة على أن هذا الموقع الرائع المتكون من أكثر من 200 عمود حجري قد شيدته واستخدمته حضارة متقدمة على زمنها ،  ويقدم الكتاب شرحاً مفصلاً لكيفية نصب الحجر وكيفية استخدامه كمرصد فلكي ويزعم (ايروني) أن الحضارة التي بنت هذه المراصد سبقت قدماء المصريين والسومريين بأكثر من 2500 سنة !

وكتب البروفسور (إيروني) عن الأهداف المحتملة لبناء هذا الصرح  وقدر تاريخ الحقبة التي شهدت نشاطات في هذا الموقع بحوالي 5500 سنة وقال أنها تكشف الوظائف الأساسية المحتملة لـ كاراهنغ :

1- معبد لـ (آر) الشمس والإله الرئيسي وأبو كل الآلهة عند قدماء الأرمن.
2- توفير حماية من خلال الإله (تير) وهو إله المعرفة لدى قدماء الأرمن .
3- لعب دور مرصد فلكي ضخم ومعقد .
4- جامعة للعلوم.

وكتب (إيروني) : " كان بوسع قدماء العلماء الأرمن خلال عصر كارهنغ أن يحسبوا خط العرض latitude بدقة ، وكانوا أيضاً يعلمون بأن الأرض كروية وبأن نصف قطرها يساوي 6300 كيلومتر ، وكان لهم تقويم دقيق ..الخ ،  وقد خطط هؤلاء العلماء القدامى أيضاً لبناء صروح ضخمة أخرى ومعروفة مثل الهرم الأكبر في مصر الذي أقيم بعد 3000 سنة من كاراهنغ ، وستونهنغ التي أقيمت بعد 3500 من كاراهنغ وغيرها . والعديد من تلك الآثار ما زالت قائمة ومحافظة على نفسها حتى الآن ،  ومن المثير للدهشة أن أكثر آثار العالم شهرة تقع على بعد خطوط عرض متساوية من كاراهنغ ، إذ يزيد خط عرض ستونهنغ في بريطانيا 10 درجات بينما ينخفض خط عرض الهرم الأكبر في مصر بـ 10 درجات " ، ويعتبر مملكة أرمينيا القديمة مهد الحضارات البشرية جمعاء.

dimanche 18 novembre 2012

حقيقة ظهور السيدة العذراء

قال الشيخ محمد الغزالي: "سرت إشاعة عن ظهور العذراء مريم للناس، في كنيسة بالزيتون (حي في القاهرة). 
 
 
وبين عشية وضحاها، أصبحت كعبة الآلاف، فقد شاع وملأ البقاع، أن العذراء تجلت شبحاً نورانياً فوق برج الكنيسة، ورآها القسيس وغيره في جنح الليل البهيم. وكأنما الصحف المصرية كانت على موعد مع هذه الإشاعة، فقد ظهرت كلها، بغتة، وهي تذكر النبأ الغامض، وتنشر صورة البرج المحظوظ، وتلح إلى حد الإسفاف في توكيد القصة؛ وبلغت من الجرأة، أنها ذكرت تكرار التجلي المقدس في كل ليلة. وذهبت أنا والشيخ محمد أبو زهرة وآخرون، ومكثنا ليلاً طويلاً، نرقب الأفق، ونبحث في الجو، ونفتش عن شيء، فلا نجد شيئاً. وعدنا وكتبنا ما شاهدنا، وفوجئنا بالرقابة تمنع النشر. وقال لنا بعض الخبراء: إن الحكومة محتاجة إلى جعل هذه المنطقة سياحية، لحاجتها إلى المال، ويهمها أن يبقى الخبر، ولو كان مكذوباً".

وقد كتب الأستاذ الدكتور محمد جمال الدين الفندي، الأستاذ بكلية العلوم، في القاهرة، تفسيراً علمياً لهذه الظاهرة، مبيّناً أنها تُعرف، في كتب العلم، باسم "نيران سانت إلمو"؛ وقد أوردتها دائرة المعارف البريطانية، في المجلد الرابع والعشرين، في الصفحة الأولى، تحت اسم: St. Elmo’s Fires، فقالت حالكنيسة الارثوذكسية القبطية في حي الزيتون والتي ظهر فيها تجسد للسيدة العذراء حسب ما يزعم.رفياً: "نيران سانت إلمو: هي الوهج، الذي يلازم التفريغ الكهربائي البطيء، من الجو إلى الأرض. وهذا التفريغ المطابق لتفريغ "الفرشاة"، المعروف في تجارب معامل الطبيعة، يظهر، عادة، في صورة رأس من الضوء على نهايات الأجسام المدببة، التي على غرار برج الكنيسة، وصاري السفينة، وحتى نتوءات في الأراضي المنبسطة؛ وتصحبها، عادة، ضوضاء، طقطقة، وأزيز. وتشاهد نيران سانت إلمو، أكثر ما تُشاهد، في المستويات المنخفضة، خلال موسم الشتاء، أثناء عواصف الثلج وفي أعقابها؛ فإن القسم البارز على سطح الأرض، كصواري السفن، إذا تعرّض لمجالات شديدة، من حالات شحن الكهرباء الجوية، يُحدِث تفريغاً وهجياً واضحاً".


وهذا الكلام يطابق تماماً ما أوردته جريدة "الأهرام"، في وصفها لتجلي العذراء "هيئة جسم كامل، من نور، يظهر فوق القباب الأربع الصغيرة لكنيسة الزيتون، أو فوق الصليب الأعلى للقبة الكبرى، أو فوق الأشجار المحيطة بالكنيسة".

وبالعودة إلى الحالة الجوية، التي سبقت رؤية تلك الظاهرة ولازمتها، يتبين أن البلاد كانت تجتاحها موجة من الهواء شديد البرودة، فاق برد أوروبا؛ ما وفَّر الظرف الملائم لتولد موجات كهربائية، بسبب عدم الاستقرار. وكثيراً ما تظهر تلك الظاهرة على قمم الأشجار والجبال، فتتوهج، وتبدو كأنها تحترق؛ وكثيراً ما خدعت بعض الطيارين، فأبلغوا حرائق وهمية، تكاد تمسك بهامات الأشجار، في الغابات؛ بل أعلنوا أنهم شاهدوا هالات عجيبة، تحيط بطائراتهم، أثناء تحليقها في الجو، فتُحدِث تداخلاً في أجهزة الاتصال. كما أنها قد تصبح هدفاً مباشراً لعملية تفريغ مفاجئ من شحنة مضادة، ما يؤدي احتراق الطائرة. فبادر العلماء إلى تجارب عديدة على هذه الظاهرة؛ إذ وضعوا نموذجاً صغيراً لطائرة مشحونة بالكهرباء الساكنة؛ فظهرت حولها تلك الهالات، في ظروف ملائمة. ثم تبين أن ما ظنه الطيارون ناراً أو حريقاً، لم يكن، في الحقيقة، إلاَّ ظاهرة طبيعية بحت.

من هو العم سام



كثيرا ما تستعمل عبارة العم سام دلالة على الولايات المتحدة الامريكية وخاصة إذا تم استعمالها من قبل غير الأمريكيين.
أما الأميريكيون فيستعملون هذا المصطلح للدلالة على الحكومة الفدرالية الأمريكية و خصوصا عندما يعبّرون في حدثيهم عن مدى تذمرهم من دفع الضرائب مئلا ...عندها يقومون بتوجيه بعض الشتائم للعم سام الذي يثقل كاهلهم بهذه الضرائب باعتبار ذلك أسلم من الشتم المباشرللحكومة.....ولعل كثيرا من الأمريكيين أنفسهم لا يعلمون سببا لهذه التسمية.

وتعود قصة هذا الاسم الى أوائل القرن التاسع عشر عندما كان الأميريكيون يخوضون
معركه الاستقلال ضد الجيش البريطاني إذ تعرض الجيش الأميركي و كانت أغلبيته من
المزارعين الفقراء لنقص في الإمدادات الغذائية.
فما كان من أحد الإقطاعيين من الوطنيين الأمريكين واسمه صموئيل ويلسون أو سام ويلسون من مدينة تروي في ولاية نيويورك إلا أن سارع بنجدة الجيش الأميركي بإرسال براميل من لحم البقر و قد ختمت هذه البراميل بخاتم مكون من حرفين هما U.S. دلاله الى الحكومة الامريكية الناشئة.
ولكن عندما سئل أحد الجنود عن معنى هذين الحرفين أجاب من باب الدعابة إلى أنهما يدلان على العم سام(Uncle Sam) الذي قام بإرسالها و عندها اختلط الحابل بالنابل و التبس المفهومان ببعضهما البعض و أصبح العم سام تعبيرا يستعمل كبديل للحكومة الأمريكية.

أما اللافت للنظر أن شكل العم سام الحقيقي يختلف عن الشكل
التقليدي الذي جاءت به مخيلات رسامي الكاريكيتير فيما بعد .
لعل ما جعل هذا الرسم شائعا هو النداء الذي ظهر في الصحف
الأمريكية أيام الحرب العالمية الأولى إذ يظهر فيه العم سام بلباس جندي أمريكي وقبعة غربية مطرزة بالعلَم الأميريكي و هو يمد يده قائلا ....I want you...!! كدعوة
للشباب الامريكي للانخراط بالجيش في ذلك الوقت.

و في مطلع الستينات قام الكونجرس الأمريكي بالتصديق على قرار لجعل رمز العم سام رمزا من الرموز الوطنية للولايات المتحدة الأمريكية

samedi 17 novembre 2012

سيد العالم القديم الاسكندر الاكبر






 
الإسكندر الأكبر 

الإسكندر الأكبر (356-323 ق.م). ملك مقدونيا،واشتهر أيضًا باسم الإسكندر المقدوني. وهو أحد كبار القادة العسكريين في التاريخ وكان قد فتح كثيرًا من بلاد العالم المتمدن المعروفة في ذلك الوقت، ونقل إليها الأفكار الإغريقية، والطرق التي كان الإغريق يتخذونها لصنع الأشياء. واستطاع هذا الفاتح أن ينشر الثقافة الإغريقية التي عرفت في ذلك الوقت بشكل واسع في البلاد التي فتحها.


صباه. 
ولد الإسكندر في بلاّ بمقدونيا، وهو ابن فيليب المقدوني الذي كان قائدًا ممتازًا وإداريًا بارعًا.  أما أمه فكان اسمها أوليمبياس، وكانت أميرة إيبرَسْ
 وكانت امرأة ذكية حادة الطباع. وورث الإسكندر أحسن مالدى والديه من صفات ولكنه كان أكثر طموحًا من والده. وكان كثيرًا مايبكي كلما سمع بفتوحات والده ويقول إن والده لن يترك له شيئًا عظيمًا ليقوم بإنجازه في المستقبل. وكانت أم الإسكندر تقول لابنها إنه من ذرية أخيل ذلك البطل اليوناني الشهير، وأن والده من أحفاد هرقل. وحفظ الإسكندر الإلياذة عن ظهر قلب وهي تلك القصيدة الإغريقية التي تتحدث عن بطولات الإغريق الأسطورية ومافعله أخيل.  وكان يحمل معه نسخة من الإلياذه، كما كان أخيل مثله الأعلى.

كان الإسكندر في صباه شجاعًا لايهاب، وقد استطاع أن يمتطي الجواد الجموح بيوكيفالفوس في صغره. وكان هذا الجواد هو الذي حمله في فتوحاته العظيمة عندما كبر حتى مات الحصان بالهند. وقد بنى الإسكندر مدينة على نهر هايداسبس سمّاها بيوكيفالا تخليدًا لذكرى هذا الحصان.


شبابه. 
عندما بلغ الإسكندر الثالثة عشرة من عمره أصبح تلميذًا للفيلسوف اليوناني الكبير أرسطو (أرسطوطاليس).

واستطاع أرسطو أن يغرس في تلميذه حب الأدب، ونمط الحياة الإغريقية، والمثل العليا لليونانيين وحبهم للعلوم والمعارف. وكان الإسكندر يشارك في الألعاب الرياضية. وكان أرسطو يحدثه عن البلدان الأخرى ومافيها من مختلف الأجناس، حتى يزيد من اهتمامه بالعالم الخارجي وما فيه من أمم. وكان الإسكندر يرى بعض هؤلاء الناس سفراء في بلاط والده، فكان يتحدث معهم، ويعرف شيئًا عن أحوال بلادهم.

لما بلغ الإسكندر العشرين من عمره مات والده، وأصبح هو الملك على مقدونيا. وكانت بلاد الإغريق الأخرى قد ملت الخضوع إلى والده. وكان الإسكندر مشغولاً في حرب مع بعض الإغريق فثارت على حكمه مدينة طيبة، فما كان منه إلا أن هاجمها ودمرها عن آخرها عدا المعبد ومنزل الشاعر بندار. وباع 30,000 شخص من أهل المدينة رقيقًا. وهكذا حطم الإسكندر روح الثورة التي أظهرتها المدن الإغريقية.


 
 إمبراطورية الإسكندر 

فتح فارس واحتلالها. ثم أدار الملك الصغير طموحه إلى فتح إمبراطورية فارس عملاً بالخطة التي كان والده فيليب قد وضعها، وأعد لها العدة. وفي ربيع عام 334 ق.م، سار بجيشه المكون من 35,000 مقاتل نحو بلاد فارس، وهو يأمل في نصر مبكر إذ كانت أمواله قليلة. والتقى في أول مرة بالجيش الفارسي في معركة نهر جرانيكس، وتمكن من هزيمة الفرس، وفتحت أراضي آسيا الصغرى أمام جيشه. ولما رأى الملك داريوس الثالث هزيمة جيشه أعد جيشًا آخر لملاقاة الإسكندر. ولكن الإسكندر استطاع أن يهزم الجيش الفارسي، ويدخل معسكر الملك داريوس الثالث حيث أسر زوجته وأمه. وعاملهما أحسن معاملة، ثم ذهب إلى صور وحاصرها لمدة سبعة شهور، ثم فتحها عنوة، وقتل ثمانية آلاف من سكانها، وباع 35,000 شخص عبيدًا. ويعتبر انتصاره على صور من أعظم انتصاراته الحربية. ثم تقدم نحو غزة، ولاقت نفس المصير الذي لاقته صور. ثم سار نحو مصر، فلقيه أهلها بترحاب؛ إذ كانوا قد ذاقوا الأمرّيْن من الفرس. وبنى هناك ميناء الإسكندرية التي أصبحت من أهم مراكز العالم العلمية والتجارية. ومن هناك قرر الذهاب إلى معبد زيوس ـ أمون في الصحراء الليبية حيث دخل المعبد، وقيل له هناك ـ كما تزعم الروايات ـ إنه ابن الإله، وأنه سوف يفتح سائر أنحاء العالم.


معركة أرْبيلا.
 وفي عام 331 ق.م، التفت الإسكندر مرة أخرى إلى الجبهة الفارسية، إذ كان داريوس الثالث قد جمع جيشًا ضخمًا بالإضافة إلى الخيالة الثقيلة المشهورة، وكثيرًا من العربات الحربية ذات السكاكين البارزة من عجلاتها وأعد الفرس ميدانًا فسيحًا للمعركة وذلك بتعبيده وتسويته. وكان ذلك الميدان بالقرب من أربيلا. وفي تلك المعركة، استطاعت الخيالة الفارسية أن تلتف حول ميسرة الإسكندر، وأن تستولي على معسكره، ولكن الإسكندر قام بمبادرة هجومية تولاها بنفسه، واستطاع أن يتغلب على داريوس الثالث وأجبر الجيش الفارسي على التقهقر نحو الشرق.

استسلمت بعد ذلك مدينة بابل، وتبعتها مدن أخرى، واستولى على مافيها من ذهب وفضة، وقتل كثيرًا من سكان هذه المدن أو باعهم رقيقًا، كما أحرق مدينة برسيبوليس انتقاماً من الفرس الذين أحرقوا مدينة أثينا سنة 480ق.م. ولما بلغ الجيش الإغريقي هذه المرحلة من الحرب، فقد الجنود شهيتهم لمواصلة القتال، وأرادوا أن يعودوا إلى أوطانهم.

عبر الإسكندر جبال زاغروس ودخل ميديا عام 330ق.م، وكان داريوس الثالث قد هرب إلى تلك الجهات. وقتله بعض نبلائه بعد ذلك بقليل، ووجد الإسكندر نفسه ملكًا على آسيا. ولم يصادف بعد ذلك حربًا قوية. فعين بعض نبلاء إيران حكامًا محليين على المناطق والأقاليم المختلفة التي فتحها.

ثم جند الإسكندر بعض الإيرانيين في جيشه، وتقدم نحو الأراضي الهندية فلما وصل الصغد تزوج روكسانا ابنة أحد النبلاء الصغديين هناك.

وفي الصغد، خرج الإسكندر عن طوره وقتل أحد أصدقائه المقربين، المدعو كليتسْ، في مشاجرة لعبت فيها الخمر برأسيهما. فغضب منه جنوده المقدونيون وحاولوا اغتياله. فما كان منه إلا أن أعدم عددًا من رجاله البارزين من إغريق ومقدونيين.


الانتصار في الهند. 
ألحق الإسكندر عددًا من الجنود الإيرانيين بجنوده، وزحف بهذا الجيش نحو الهند، حتى وصل إلى سهولها الغنية سنة 326ق.م. وكان يريد أن يتقدم في الأراضي الهندية لولا أن تمرد عليه جيشه. وكانت هناك عدة مؤامرات تستهدف حياته إلا أنه نجا منها.

ثم انشغل الإسكندر بعد ذلك بتنظيم البلاد التي فتحها وبإدارتها، وكان أقصى ما وصلت إليه أملاكه من البلاد التي فتحها امتدادها من البحر الأيوني إلى شمالي الهند. وكان يريد أن يجعل من آسيا وأوروبا قطرًا واحدًا، وأن يجمع أحسن مافي الشرق مع مافي الغرب. واختار بابل عاصمة له.

ولكي يحقق أهدافه، فقد كان الإسكندر يشجع رعاياه على الاختلاط بالزواج، وضرب لهم المثل على ذلك بنفسه حين تزوج أميرة فارسية. وعين جنودًا من مختلف الأجناس في جيشه. وصاغ عملة موحَّدة لكي تستعمل في كافة الأراضي الخاضعة له في الإمبراطورية، وساعد على ازدهار التجارة. وكان يشجع انتشار الأفكار والعادات اليونانية في آسيا واستعمال القوانين الإغريقية. وكان إذا رأى أحدًا من حكام الأقاليم لايعدل في حكم رعيته فإنه كان يعزله.


موته 
كان الإسكندر ينوي ضم الجزيرة العربية. ولكنه أصيب بحمى الملاريا في بابل، وانتهى به الأمر إلى أن مات في 13 يونيو سنة 323 ق.م. ووضع جثمانه في تابوت وحمل إلى ممفيس في مصر، ومن هناك إلى الإسكندرية حيث وضع في ضريح.

لم يوص الإسكندر بالحكم من بعده لأحد، وقد ولد ابنه الوحيد بعد موته. وكان قواده قد اقتسموا إمبراطوريته، ولم يستطع أي منهم أن يجعل كل تلك الأراضي تحت حكمه. وكان ذلك في عام 311ق.م.



 

من الامم الهالكة قوم نوح







 ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيْهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِيْنَ عَاماً فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ ) (العنكبوت: 14).

يحكي لنا القرآن الكريم قصة طوفان نوح، الذي روت عنه معظم الثقافات العالمية بشكل واسع، وتتحدث آيات عديدة بالتفصيل عن موقف قوم نوح منه ، فتصور إعراضهم عنه،  واستهتارهم به واستهزاءهم بنصائحه وتحذيراته وكيف حدث الطُّوفان.


أرسل الله نوحاً لينذر قومه الذين ضلوا وابتعدوا عن آيات الله واتخذوا معه شركاء، وليستحثهم على عبادته وحده والتخلي عن عصيانهم وعنادهم، قدم نوح النصح لقومه مرات  ومرات وطلب منهم يمتثلوا لأوامر الله، وأنذرهم عقابه، ولكنهم ظلوا على عنادهم ورفضهم له، وظلوا يعبدون مع الله شركاء

بناء على ذلك أخبر الله تعالى نبيه نوحاً أنه سيعاقب الكافرين من قومه بإغراقهم وينجي المؤمنين.

وعندما حان وقت الطُّوفان تفجرت ينابيع الأرض والتقت مع الأمطار الغزيرة ليحصل الطُّوفان العظيم. وقال الله عز وجل لنوح: ( فَاسْلُكْ فِيْهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ  وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ القَولُ مِنْهُمْ ) (المؤمنون: 27) لقد غرق كل من كان على تلك الأرض بما فيهم ابن نوح عليه السلام الذي ظن أنه يمكن أن يجد ملجأ من  الطوفان في أحد الجبال القريبة، أصاب الطُّوفان القوم بأجمعهم، باستثناء أولئك الذين حملهم نوح على ظهر السفينة، وعندما جفت الأرض ( وَغِيْضَ المَاء) (هود: 44)

 وانتهى الطُّوفان، استوت السفينة على الجُوْدِيِّ - أي على مرتفع من الأرض- كما يخبرنا القرآن الكريم.

الحضارات والكتب السماوية التي تحدثت عن طوفان نوح:

تشير الدراسات التاريخية والأثرية والجيولوجية إلى أن هذا الحدث قد وقع تماماً كما رواه القرآن الكريم، فقد وردت قصته في الكثير من السجلات التاريخية ومنقولات  الحضارات القديمة، بالرغم من اختلاف أسماء الأشخاص والأماكن، إ ن "كل ما حدث للقوم الضالين" يعرض على إنسان هذا العصر كإنذار ووعيد. بعيداً عن العهد القديم والعهد الجديد، تحكي السجلات السومرية والبابلية والآشورية والأساطير اليونانية وأساطير الشاتاباثا والبراهما والماهاباهارتا الهندية، وقَصص ويلز  والأساطير الليتوانية وحتى القَصص الصينية القديمة قصة الطُّوفان هذه.

ولكن كيف يمكن أن تجتمع هذه المعلومات المفصلة والمتصلة بموضوع واحد من هذه الأراضي المتباعدة فيما بينها جغرافياً وثقافياً، والبعيدة أيضا عن مكان الطُّوفان؟

الجواب واضح: إن وجود السرد القصصي لنفس الحادث في سجلات هذه الحضارات المختلفة تماماً، والتي لا توجد بينها أي حلقات اتصال، لهو برهان أكيد على أن هذه  المجموعة من الأقوام قد تلقت العلم عن طريق مصدر إلهي واحد، لقد أخبر العديد من الرسل الذين بعثوا إلى حضارات مختلفة على مر العصور، أقوامهم بقصة الطُّوفان الذي  يعتبر من أكبر كوارث البشرية تاريخياً، وكان إخبارهم هذا من باب ضرب الأمثال، وهكذا انتشرت قصة الطُّوفان في مختلف الحضارات. وبالرغم من أن هذه القصة قد تناقلتها عدة ثقافات ومصادر دينية، إلا أن قصة الطُّوفان والنبي نوح عليه السلام قد أصابها الكثير من التشويه والتحريف بعيداً عن المصدر  الأصلي لها بسبب زيف المصادر، أو النقل المغلوط، أو حتى يمكن أن نقول: بسبب النوايا السيئة، لقد كشفت الأبحاث أن الرواية الوحيدة المتماسكة من بين جميع الروايات  التي تناولت قصة الطُّوفان، والتي تقوم أساساً على نفس الحدث مع العديد من الاختلافات، هي تلك التي يسردها القرآن الكريم.

منطقة طوفان نوح عليه السلام

يفترض أن تكون وديان منطقة وادي الرافدين هي منطقة الطُّوفان، ففي تلك المنطقة قامت أقدم الحضارات التي عرفها التاريخ، بالإضافة إلى أن موقعها بين نهري دجلة والفرات  يؤهلها لأن تكون منطقة الطُّوفان العظيم، فمن المحتمل أن يكون وجودُ هذين النهرين أحدَ العوامل المساعدة في حدوث الطُّوفان، حيث يمكن أن يكونا قد فاضا وأغرقا المنطقة.
السبب الآخر لاعتبار هذه المنطقة هي منطقة الطُّوفان هو سبب تاريخي: فقد وجدت في سجلات العديد من الحضارات التي تتابعت على المنطقة وثائق متعددة تتكلم عن  طُوفان أغرق المنطقة في نفس الفترة الزمنية، لقد ارتأت الحضارات التي شهدت هلاك قوم نوح ضرورة تسجيل هذا الحدث، كيف وقع وما أسفر عنه من نتائج.
في الرسم أعلاه، الحدود الحالية للسهول موضحة بخط أحمر متقطع. والجزء الكبير الواقع خلف الخط الحمر قد كان جزءا من البحر في ذلك الوقت
وهنا نجد أن  معظم الأساطير التي تناقلت ما روته تلك الحضارات قد حددت موقع الطُّوفان في هذه المنطقة، وقد قدمت الكشوف الأثرية دعماً لهذه الأقوال، فأثبتت أن طُوفاناً كبيراً قد أتى على  المنطقة، وكما سنرى في الصفحات المقبلة فقد انقطعت الحضارات لفترة من الزمن عن هذه المنطقة، ومن خلال الحفريات ظهرت آثار واضحة لهذه الكارثة الكبيرة التي حلَّت بها.

الدليل الأثري للطُّوفان

ليس مصادفة أن نأتي في أيامنا هذه على آثار أمم حدثنا القرآن عن دمارها، ويقدم لنا الدليل الأثري حقيقة تقول: إنّه كلما كان اختفاء القوم مفاجئاً كلما كانت إمكانية العثور على  آثارهم وبقاياهم أكبر.

بهذه الطريقة تم الكشف عن الكثير من آثار طُوفان نوح في أيامنا هذه ، فبالرغم من حدوث الطُّوفان في الألف الثلاثين قبل الميلاد، فقد وضع هذا الطُّوفان نهاية سريعة لحضارة كاملة، لتقوم مقامها حضارة جديدة، وبذلك تم الاحتفاظ بآثاره لآلاف من السنين حتى يكون للعالمين نذيراً.
 رسم تفصيلي لهيكل السفينة من الداخل
يُظن بأن هذه سفينة نبي الله نوح عليه السلام التي استوت على الجوديّ.

تم تنفيذ عددٍ كبيرٍ من الحفريات في أثناء البحث عن مكان الطُّوفان الذي وقع في وادي الرافدين . عثر في أثناء الحفريات ـ والتي نفذت في المنطقة وغطت أربعة مدن رئيسة ـ على آثار طُوفان يعتبر طُوفاناً عارماً بشكل خاص، هذه المدن كانت أكبر المدن في " وادي الرافدين " وهي أور، إيريك، كيش، وشورباك.
وتدل كافة الحفريات على أن هذه المدن كانت محوراً لطُوفان عارم حدث في الألف الثالث قبل الميلاد.

اكتشاف سفينة نوح

جبل الجودي بجزيرة إبن عمر ويظهر جسم السفينة عليه.

أما عن اكتشاف سفينة نوح عليه السلام فقد جاء ذكره في مجلة النور الإسلامية حيث ذكر صاحب المقال - محمود مصطفى - أنه بعد أكثر من ستة أعوام أمضاها فريق  من العلماء المتخصصين في هذه الأمور تم العثور على سفينة نوح عليه السلام التي ورد ذكرها في القرآن الكريم، عند الحدود التركية الإيرانية حسب ما ذكره رئيس الفريق  العلمي، وأضحت الحكومة التركية من جراء هذا الاكتشاف مقتنعة تماماً بصحة ما اكتشفه الفريق لدرجة أنها وبعد أعوام عدة من الرفض المتعنت قد عينت ذلك الموقع ليكون ذا  أهمية خاصة بالنسبة لعلم الآثار القديمة ووافقت على حفريات فيه خلال عام 1414هـ.

هل كان الطُّوفان كارثة عالمية أم محلية؟

يدعم أولئك الذين ينكرون وقوع طُوفان نوح موقفهم في هذا الإنكار بالتأكيد على استحالة وقوع طُوفان عالمي شامل، كما أن الغاية من إنكارهم لحدوث أي نوع من الطُّوفان  موجه لتكذيب القرآن وروايته

ان قصة الطوفان الواردة في القران الكريم -الذي نجا من التحريف ومن التبديل -وردت بشكل مختلف عن أساطير الطوفان الواردة في التوراة وفي العديد من ثقافات الأقوام  الأخرى ، تقول أسفار موسى الخمسة ( وهي الكتب الخمسة الأولى من العهد القديم ) : إن الطُّوفان كان عالمياً وإنه غطى كل العالم، إلا أن القرآن لم يشر إلى شيء  كهذا، بل على العكس تدل الآيات التي تتحدث عنه على أنه كان طُوفاناً غطى منطقة معينة ولم يشمل كل العالم،وأن هذا الطُّوفان أغرق فقط قوم نوح الذين أنذرهم نبيُّهم فعصوه  فاستحقوا عقاب الله.
إن القوم الذين أهلكوا هم أولئك الذين استخفوا برسالة النبي وأصروا على عصيانهم لله، والآيات الآتية تكفي لبيان هذا:

( فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِيْنَ مَعَهُ فِي الفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِيْنَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً عَمِيْنَ ) (الأعراف: 64)

هل تم اصطحاب جميع الحيوانات على ظهر السفينة؟


تؤمن تفاسير الإنجيل أن نوحاً عليه السلام قد اصطحب معه في السفينة جميع أنواع الحيوانات الموجودة على سطح الأرض، وهكذا نجت الحيوانات من الانقراض، بفضل نوح  (ع). حسب هذه الرواية فإن كل أنواع الدواب التي كانت على سطح الأرض قد جمعت على سطح السفينة.
المدافعون عن هذا المعتقد لا بد أن يواجهوا صعوبات حقيقية من نواح عديدة تعترض نظريتهم،فالأسئلة التي تطرح نفسها:
 كيف كانت تُطعم الحيوانات المحمولة في السفينة؟

وكيف تم عزلها عن بعضها
 وأين كانت تنام؟ 
الجواب عن هذا غير ممكن. سؤال آخر لا يقل أهمية:
 كيف أمكن جمع الحيوانات من مختلف القارات: الثدييات القطبية،  الكنغر الأسترالي والثور الأمريكي؟ ويتبع ذلك سؤال آخر: كيف أمكن الإمساك بالحيوانات السامة مثل الأفاعي والعقارب، والحيوانات المفترسة؟ 
وكيف أمكن عزلها عن  بيئتها الطبيعية إلى أن انتهى الطُّوفان؟

هذه أسئلة يواجهها العهد القديم، في القرآن الكريم لا توجد آيات تفيد بأن كل أنواع الحيوانات الموجودة على الأرض قد تم اصطحابها في السفينة، كما لاحظنا سالفاً: حدث  الطُّوفان في منطقة معينة، وبذلك تكون الحيوانات التي حُملت على ظهر السفينة هي تلك التي كانت تتواجد في منطقة قوم نوح(ع) بالذات. ومع ذلك يبقى من المستحيل جمع كل أنواع الحيوانات التي كانت تعيش في تلك المنطقة، من الصعب على نوح والقلة التي كانت معه من المؤمنين  أن يذهبوا في كل اتجاه ليجمعوا زوجاً من كل نوع من أنواع الحيوانات الموجودة في محيطهم، فمن غير المعقول أن يتمكنوا من جمع كل أنواع الحشرات، أو التفريق بين الأنثى منها و  الذكر! لذلك كان الأقرب إلى التصديق أن يكون نوح عليه السلام قد قام بجمع الأنواع الأليفة و التي يسهل جمعها مثل الغنم والبقر والجمال والجياد وما شابه ذلك، لأن هذه  الأنواع كانت هي الضرورية من أجل بناء حياة جديدة في منطقة فقدت كمية كبيرة من مواشيها بسبب الطُّوفان.
النقطة المهمة هنا هي: الحكمة الإلهية من أمر الله عز وجل لنوح عليه السلام باصطحاب زوجين من كل نوع، تتجلى هذه الحكمة في جمع الأنواع الضرورية لبناء حياة  جديدة بعد الطُّوفان، وليس الحفاظ على الجنس الحيواني. وبما أن الطُّوفان لم يكن عالمياً، فإمكانية انقراض الجنس الحيواني لم يكن أمراً وارداً